استجلاء “الموجات الكوكبية” للشمس

تمتد موجات دوامية عملاقة من البلازما لمسافات تصل إلى 500 ألف كيلو متر، وتتحرك على سطح الشمس في الاتجاه المعاكس لاتجاه دوران الشمس. ويمكن للبحث الذي أدى إلى استجلاء هذه الموجات -وذلك بعد عقود من إطلاق العلماء لنظريات عن وجودها- أن يحسِّن فهمنا للديناميات واسعة النطاق للشمس.
 
تحدث الموجات (والتي يُطلق عليها موجات روسبي) في السوائل الدوارة بشكلٍ طبيعي. وعلى الأرض توجد هذه الموجات في الغلاف الجوي وفي المحيطات، ويمكنها أن تمتد لمئات الكيلومترات، وبذلك تُسهم في نقل الحرارة بين المناطق الاستوائية والقطبين.
 
لقد كان من الصعب استجلاء هذه الموجات على الشمس؛ لأن لحركاتها الأفقية سرعات صغيرة جدًّا.
 
يقول العلماء المسؤولون عن العثور على هذه الموجات -وذلك بقيادة لورنت جيزون الذي يعمل بجامعة نيويورك أبو ظبي- إنهم تابعوا حركة “الحبيبات الشمسية” في صور التُقطت على مدار ست سنوات بواسطة المركبة الفضائية لرصد الديناميات الشمسية، التي أطلقتها ناسا عام 2010. هذه الحبيبات هي ما يجعل سطح الشمس يبدو رمليًّا في الصور. يبلغ قطر كل حُبَيبة حوالي 1,500 كيلومتر، وتمثل الحُبَيبة الجزء العلوي من تيار يحمل بلازما ساخنة إلى السطح ويعيد البلازما الباردة إلى داخل الشمس.
 
استخدم الفريق الحبيبات لإيجاد تدفقات موجات روسبي بطريقة مشابهة للكيفية التي يتم بها استخدام الفلين على سطح الماء للكشف عن التيارات واسعة النطاق. ووجد الباحثون أن الحبيبات التي شوهدت على السطح تتبع حركاتٍ دواميةً عملاقة، وذلك بعد تدفُّقات البلازما التي تسببها موجات روسبي.
 
لم يتم العثور على موجات روسبي إلا بالقرب من خط استواء الشمس، وتتحرك هذه الموجات، كما كان متوقعًا من الناحية النظرية، في الاتجاه المعاكس لاتجاه دوران الشمس.
 
يوضح جيزون أن الطاقة الحركية للشمس هي الطاقة التي تمتلكها الشمس بشكل يُعزى إلى حركتها. ووجد الفريق أن موجات روسبي التي رصدوها تُسهم بنصف الطاقة الحركية واسعة النطاق للشمس، مما يجعل هذه الموجات عنصرًا أساسيًّا في ديناميات الطاقة الشمسية.
 
ووفقًا للفلكي جيف كون -من معهد الفلك التابع لجامعة هاواي، (وهو فلكي غير مشارك في الدراسة)- ربما تكون هذه الدراسة هي الدليل الأشمل على وجود موجات روسبي على الشمس، إذ إنها تتضمن قياسًا مباشرًا للحركة الدوامية للحبيبات الشمسية.
 
في عام 2000، أوضح كون وزملاؤه وجود “تلال” ارتفاع الواحد منها 100 متر على سطح الشمس، واقترحوا أن هذه التلال ربما تكون مظهرًا سطحيًّا يعبر عن موجات روسبي. ومع هذا يرى كون أنه من المحيِّر أن تشير نتائج جيزون وفريقه إلى أن الشمس والبلازما خاصتها تدوران معًا في وقت واحد، في حين أنه من المعروف أن البلازما حول خط الاستواء تدور أسرع من دوران مثيلتها عند القطبين. يقول كون: “إذا تم تأكيد هذه القياسات، فسنتعلم أشياء جديدة عن الشمس. أتوقع أن يثير بحثهم نقاشًا قويًّا سيجعلنا أكثر حكمةً في المستقبل فيما يتعلق بباطن الشمس”.
 
ويتمثل الهدف التالي لجيزون وفريقه في التحقُّق من الدور الذي تؤديه موجات روسبي في باطن الشمس، وذلك عبر دراسة الموجات الزلزالية الشمسية والمماثلة للموجات المتولدة على الأرض في أثناء الزلازل.
 
ويوضح جيزون أن مركز علوم الفضاء في جامعة نيويورك أبو ظبي (حيث يشغل هو حاليًّا منصب أستاذ أبحاث، بالإضافة إلى منصبه في معهد ماكس بلانك لأبحاث النظام الشمسي في ألمانيا) يركز بشدة على تحليل المعلومات الناتجة عن رصد الفضاء وتفسيرها، وذلك بهدف تَعرُّف الشمس والنجوم والكواكب الخارجية.
 
ويعمل مركز علوم الفضاء حاليًّا على إنشاء مركز بيانات لتخزين المعلومات الفيزيائية الفلكية الواردة من البعثات الفضائية الدولية، بما في ذلك مرصد ديناميات الشمس التابع لوكالة ناسا. ويقول جيزون إن هذه البيانات ستخدم المجتمع العلمي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

Similar Posts