اصول وثوابت في عمل المرأة

هناك أصول وثوابت لابد أن نستحضرها عند الحديث عن عمل المرأة، منها:
1 – إن الإسلام يرى أن التنمية الاقتصادية جزء من التنمية للمجتمع بأبعادها المختلفة، وهي لا تقتصر في الإسلام على التنمية المادية فحسب؛ لأن الإسلام يسعى إلى إسعاد الناس في الحياة الدنيا والآخرة. فالتنمية ليست عملية إنتاج فحسب، وإنما هي عملية إنسانية تستهدف الإنسان ورقيه، وتقدمه مادياً، وروحياً، واجتماعياً، وسلوكاً، وعادات، وأخلاقاً.
والإسلام يرى أن المال وجميع الأعمال المادية يجب أن تكون منضبطة بالأوامر والنواهي والتعاليم الشرعية، وهذه التعاليم منها ما هو ثابت لا يتغير مهما تغيرت الأزمان والأماكن، ومهما تغير الناس في طرائق معيشتهم، أو أساليب حياتهم، ومهما اختلفت وسائل إنتاجهم، أو ارتقت مفاهيم تفكيرهم في العلم والحياة. وهذه تتمثل في شيئين: العقيدة الإسلامية، والقيم والأخلاق.
وثبات الفطرة والعقيدة والقيم والأخلاق لا ينفي قيمة التطور وضرورته، وذلك باستنباط الأحكام الشرعية بطريقة الاجتهاد لحل المشكلات والنوازل، وتحديد العلاقات الجديدة حسب مفهوم الثابت والمتغير في الإسلام، وبالتالي تكون العقيدة والقيم والأخلاق ضوابط تضبط من خلالها التنمية الاقتصادية.
واعتبار القيم والأخلاق في ضبط الاقتصاد والتنمية هو الاتجاه السليم عند بعض علماء الاقتصاد، مثل: (آرثر سميثر) الذي قال بأنه لا يمكن وضع سياسات اقتصادية بدون الاعتماد على معايير أخلاقية.
2 – سوى الإسلام بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية بمختلف أنواعها، لا فرق في ذلك بين وضعها قبل الزواج وبعده.
فقبل الزواج يكون للمرأة شخصيتها المدنية والمالية المستقلة عن شخصية ولي أمرها -أبيها أو غيره-.فإن كانت بالغة يحق لها أن تتعاقد، وتتحمل الالتزامات، وتملك العقار والمنقول، وتتصرف فيما تملك، ولا يحق لوليها أن يتصرف في أملاكها إلا بإذنها، كما يحق لها أن توكل وأن تفسخ الوكالة.
وكذلك المتوفى عنها زوجها -إذا كانت عاقلة بالغة- فلها أن تتزوج بمن تشاء، ولا يجوز عضلها -أي منعها من الزواج- لأخذ مالها الذي ورثته عن زوجها، أو إكراهها على الزواج بمن لا تريد.
وكذلك حمى الإسلام حقوق القاصرات من البنات، فإن كان لها مال فيجب على وليها المحافظة عليه وتنميته واستثماره، ثم يؤديه إليها بعد أن تكبر، ولا يحل له أن يأخذ منه شيئاً.
وكذلك بعد الزواج يكون للمرأة شخصيتها المدنية الكاملة، فلا تفقد اسمها، ولا أهليتها في التعاقد، ولا حقها في التملك، فتحتفظ باسمها واسم أسرتها، وبكامل حقوقها المدنية، وبأهليتها في تحمل الالتزامات، وإجراء مختلف العقود من بيع وشراء ورهن وهبة ووصية وما إلى ذلك، محتفظة بحقها في التملك تملكاً مستقلاً عن غيرها. فللمرأة المتزوجة في الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة وثروتها الخاصة وذمتها المالية. وهي في هذا كله مستقلة عن شخصية زوجها وثروته وذمته.
بل إن الزوج لا يجوز له أن يأخذ شيئاً من مال زوجته، أما إذا أذنت الزوجة بأخذ شيء من مالها فلا بأس بذلك.
كما أن الزوج لا يحل له أن يتصرف بشيء من أموال امرأته إلا إذا أذنت له بذلك، أو وكلته في إجراء عقد بالنيابة عنها.
3 – لقد خفض الإسلام للمرأة جناح الرحمة والرعاية، في أمر الأعباء الاقتصادية، فكفل لها من أسباب الرزق ما يصونها عن التبذل، ويحميها من عناء الكدح في الحياة، فأعفاها من كافة أعباء المعيشة، وألقاها على كاهل الرجل، وهذه النفقة حق للمرأة ونصيب مفروض في ماله، وليست تفضلاً أو منّة منه، فلا يسعه تركها مع القدرة.
فما دامت المرأة غير متزوجة ولا معتدة من زوج، فنفقتها واجبة على أصولها، أو فروعها، أو أقاربها الوارثين لها. فإن لم يكن لها قريب قادر على الإنفاق عليها، فنفقتها واجبة على بيت المال.
وكذلك شأنها في جميع مراحل الزوجية، سواء في ذلك مرحلة الإعداد للزواج، أو مرحلة الزواج، أو مرحلة انفصامه بالطلاق.
فأما مرحلة الإعداد للزواج، فقد ألقت الشريعة الإسلامية على كاهل الزوج طائفة من الواجبات الاقتصادية نحو زوجته المستقبلة، دون أن تكلفها هي أو تكلف أهلها أي عبء من هذا القبيل. ففي هذه المرحلة تنعم المرأة بجميع الحقوق، بينما يتحمل الرجل وحده جميع الواجبات، ومن أهمها: الصداق، وإعداد منزل الزوجية.
وأما مرحلة الزواج، فقد أعفيت المرأة من أعباء المعيشة وألقتها على كاهل الزوج، وبقيت الزوجة محتفظة بحقوقها المدنية – كما سبقت الإشارة إلى ذلك-.
فللمرأة المتزوجة في الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة، وثروتها الخاصة، وذمتها المالية، وهي في هذا كله مستقلة عن شخصية زوجها وثروته وذمته.
وهي مع هذا لا تكلف أي عبء في نفقات الأسرة مهما كانت موسرة، بل تلقى جميع هذه الأعباء على كاهل الزوج. ففي هذه المرحلة تنعم الزوجة بجميع حقوقها الاقتصادية والمدنية، بينما يتحمل الزوج وحده جميع الواجبات.وكذلك الحال إذا انفصلت عرى الزوجية بالطلاق. ففي هذه الحالة يتحمل الزوج وحده جميع الأعباء الاقتصادية. فعليه مؤخر صداق زوجته، وعليه نفقتها من مأكل ومشرب ومسكن، مادامت في العدة، وعليه نفقة أولاده وأجور حضانتهم ورضاعتهم، وعليه نفقات تربيتهم بعد ذلك. ولا تكلف المرأة أي عبء اقتصادي في هذه الشؤون.
4 – الأصل في المرأة هو القرار في البيت، وعملها خارج بيتها خروج عن هذا الأصل، فمهمتها الأساس أن تكون راعية لأسرتها مربية لأطفالها، والشرع قد تكفل لها بضمانات تجعل بقاءها في بيتها عزا لها وكرامة، ومن ذلك إيجاب النفقة على الرجل، وإسقاط بعض الواجبات التي تسلتزم الخروج كصلاة الجماعة، والجهاد، والحج إذا لم يتيسر لها محرم.
5 – إن الإسلام يحث المسلم، ذكراً كان أو أنثى، على العمل، بالمفهوم الشرعي للعمل لا بالمفهوم المغلوط أو المستورد. كما أنه يعتبر العمل قيمة أساسية من قيمه، فالرجل عامل في طلب الرزق وبناء المجتمع، كما أن المرأة عاملة وراعية في بيتها وفي بناء أس مجتمعها، وهو الأسرة.
6 – العفة وحفظ العرض، مبدأ شرعي كلي متضمن في المقاصد الشرعية لحفظ ورعاية الضرورات الخمس المجمع على اعتبارها, التي ترجع إليها جميع الأحكام الشرعية، وهي: حفظ الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال. وأي انتقاص لمبدأ العفة هو عدوان على الشريعة ومقاصدها، وانتهاك لحقوق المرأة والرجل، وإشاعة للفاحشة بين المؤمنين، وحفاظاً على هذا المبدأ العظيم حرم الإسلام الخلوة بالأجنبية، والاختلاط المستهتر، والخضوع بالقول، والسفر للمرأة بدون محرم ونحو ذلك، والمرأة قد تحتاج إلى العمل، أو يحتاج إليها المجتمع فتخرج، إلا أن هناك صعوبات تكتنف عمل المرأة؛ بسبب مخالفة العمل في بعض الأحيان لخصوصية المرأة، كالاختلاط، أو الخلوة، أو العمل خارج المدن مما يجعلها لا تأمن على نفسها؛ كما يشهد بذلك الواقع السيئ لكثير من المستشفيات، أو توظيفها مندوبة مبيعات، أو سكرتيرة في الشركات أو المؤسسات.
7 – أن العمل يجعل المرأة تفكر في الاستغناء عن الرجل، ومن ثم تتمرد على حقه في القوامة والولاية، مما يؤدي إلى فساد العلاقة بين الرجل والمرأة، وتمزق شمل الأسرة، ولذلك زادت نسب الطلاق، والعنوسة.
8 – أن الأنثى ليست كالذكر في القدرة والتحمل لجميع مجالات العمل خارج المنزل؛ نظراً لطبيعتها، والواقع يشهد أن المرأة غالباً ترغب الجلوس في المنزل، ولكنها قد تخرج لسد حاجتها وحاجة أولادها، وبينت إحدى الدراسات أن حوالي 77% من النساء يفضلن البقاء في المنزل وعدم العمل إذا توفرت لهن الإمكانات المالية.
 

 

 
 
 

 

Similar Posts