اقتصاديون: الحكومة ستفشل فى السيطرة على «الغلاء» حال تطبيق الدعم النقدى

تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول جدوى تطبيق منظومة الدعم النقدى للأسر الفقيرة والأكثر احتياجاً، وفى الوقت الذى أيد فيه البعض الاتجاه بشرط أن تكون هناك ضمانات حقيقية لتحقيق العدالة الاجتماعية، رأى البعض الآخر عدم جدوى تطبيق الدعم النقدى، موضحين أن هذا الاتجاه لا يتفق مع سياسات السوق والاقتصاد الحر، وأبدوا تخوفهم من فشل الحكومة فى ضبط الأسعار.
أكد الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى ومستشار صندوق النقد الدولى السابق، أن تطبيق الدعم النقدى لا بد أن يكون وفقاً لشروط واضحة حاكمة تضمن استفادة الطبقة الأكثر فقراً، ثم الطبقة الفقيرة، وإلا ستكون تجربة فاشلة بكل المقاييس الاجتماعية والعلمية. وأشار إلى أن تطبيق منظومة الدعم النقدى تتطلب قاعدة بيانات مدققة بعناية، ومن خلال تضافر الجهات الحكومية والإدارات المحلية، ويحتاج إلى اتباع مبدأ الشفافية مع المواطن، وشعوره بأن تطبيق تلك المنظومة سيعود عليه بالنفع، سواء كان فقيراً أم غنياً.
وأوضح «الفقى» فى تصريحات لـ«الوطن» أن توافر المعلومات الدقيقة عن الفقراء مستحقى الدعم من خلال الجهات الحكومية، يتطلب العدل والقسط وعدم التفرقة بين المواطنين بحسابات المنفعة والمحسوبية، أما من جانب المواطن فيجب أن تبتعد عنه أمراض الرشوة والتضليل والتحايل على القوانين والوضوح والشفافية، فمن غير المعقول أن تدعم الحكومة 63 مليون مواطن، فى وقت عدد مستحقى الدعم فيه أقل من ذلك بكثير، وهو الأمر الذى سيشكل عبئاً على الموازنة العامة للدولة مع ارتفاع نفقات الدعم.
وقدّر رشاد عبده، أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة القاهرة، مساوئ منظومة الدعم النقدى التى لا تتناسب مع سياسات السوق والاقتصاد الحر، وعدم قدرة الحكومات على التدخل فى زيادة الأسعار، لافتاً إلى أن أبرز عيوب تطبيق الدعم النقدى هو عدم قدرة الحكومات فى السيطرة على سقف الأسعار التى سترتفع دون مبرر منطقى، مثل اتساع الفجوة التمويلية للموازنة العامة للدولة، ولكن الثقافة الاقتصادية للتجار المصريين هى التى ستتحكم فى ذلك الأمر.
وقال المهندس إبراهيم زهران، الخبير البترولى، إن الحل الأمثل للوضع المالى لقطاع البترول هو تطبيق الدعم النقدى لضبط منظومة دعم الطاقة فى مصر، الذى يتوجه غالبيته إلى الأغنياء فقط، موضحاً أن 80% من قيمة الدعم تذهب لأغنى 20% من المواطنين، حيث إن حصول كل أسرة على قيمة دعم الطاقة نقدياً سيكون أكثر فائدة لها من عدم الحصول على المنتج أو الدعم. وأوضح «زهران» فى تصريحات لـ«الوطن» أن الدعم النقدى سيوفر للدولة أكثر من 50 مليار جنيه خلال 3 سنوات من قيمة الدعم الحكومى ستوجه إلى قطاعات الصحة والتعليم والمناطق العشوائية التى تستحق الدعم فعلياً، لافتاً إلى أن مستحقى الدعم الحقيقيين فى مصر يصل عددهم إلى 65 مليون مواطن يستحقون الدعم فى مصر، داعياً لأن يكون الدعم مشروطاً لا يفرق بين كافة العائلات.
فى نفس السياق، قال عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية للقاهرة: إن رفع أسعار الخدمات وأهمها الكهرباء والبوتاجاز سيزيد من الأعباء على القطاعين الصناعى التجارى، جراء تراجع الحركة التجارية والصناعية بفعل حالة الركود الاقتصادى التى تعيشها البلاد، وأضاف عصفور لـ«الوطن» أن رفع أسعار الكهرباء سيزيد تكلفة الإنتاج المحلى، وبالتالى سيؤثر على تنافسية المنتج فى السوقين المحلية والخارجية، ما سيؤدى إلى فوضى فى الأسعار ستنعكس بشكل مباشر على المواطنين بالدرجة الأولى باعتبارهم المستفيدين من الخدمات والسلع التى يقدمها التجار، موضحاً أن ذلك سيعمق مشاكل الفقر والبطالة من خلال قيام بعض أصحاب المراكز التجارية بالتخلى عن بعض العمالة لديها لتعويض انخفاض الإقبال على منتجاتها وتراجع إيراداتها.
وأشار إلى أن القطاع التجارى بمجمله، سيتضرر كون ساعات عمله تزيد على 12 ساعة فى اليوم، مبيناً أن ذلك يعنى مزيداً من الأعباء على القطاع التجارى، كونه يستخدم والتكييف والتبريد والإنارة، مما يرفع تكلفة التشغيل وبخاصة فى ضوء حالة من الركود التى تمر بالأسواق التجارية. وأكد أن القطاع التجارى سيضطر لرفع أسعار المواد الأساسية وغير الأساسية على المستهلك نتيجة ارتفاع تكاليف التشغيل.

Similar Posts