الأسواق والأسعار والمنافسة

الأسواق والأسعار والمنافسة. كلما جرى تبادل بالبيع والشراء للسلع والخدمات برز سوق للوجود. وقد تكون السوق محلاً تجاريًا صغيرًا على النطاق المحلي، كما قد تكون سوقًا عالمية للأسهم. وفي الأسواق الكبيرة، قد لا يلتقي معظم البائعين والمشترين البتة، إذ قد يمارسون أعمالهم بوساطة شبكات الهاتف أو التلكس أو الفاكس أو الحاسوب.
 
وفي الاقتصاد الرأسمالي تصعد الأسعار في الأسواق وتهبط، كلما ارتفع الطلب أو العرض أو انخفض. فإذا افترضنا أن 100,000 أسرة تريد شراء سيارات جديدة، في حين جرى إنتاج 90,000 سيارة فقط، فعلى هذا تفوق الكمية المطلوبة الكمية المعروضة، وربما يحدو هذا بالبائعين إلى حُسبان أن الكثير من الأسر على استعداد لدفع المزيد لحيازة إحدى السيارات المحدودة العدد. ونتيجة لذلك، فقد يرفع البائعون أسعار السيارات. وفي الوقت نفسه، يبدأ المصنعون في إنتاج المزيد من السيارات. وذلك لبيع المزيد منها لزيادة أرباحهم. وفي النهاية، ومع إنتاج المزيد من السيارات، تبدأ الكمية المعروضة في اللحاق بالكمية المطلوبة.
 
وفي الاقتصاد الرأسمالي أيضًا، توفر مشاريع الأعمال منتجات متشابهة، ويتنافس بعضها مع بعض من أجل كسب المشترين. ونتيجة لذلك، ينبغي على مشروعات الأعمال أن تفرض أسعارًا معقولة وأن تحافظ على مستوى مرتفع من الجودة لمنتجاتها. فعلى سبيل المثال، إذا رفعت إحدى البقالات سعر كيس من السكر، فقد يفضل زبائن تلك البقالة شراء الكمية نفسها من بقالة أخرى بسعر أقل من السعر السابق. ورُبّ منشأة تقدم لزبائنها منتجات قليلة الجودة تخسر أولئك الزبائن، الذين يفضلون شراء منتجات أعلى جودة من مكان آخر.
 
وتُعد المنافسة أمراً ضروريًا في الكثير من النظم الاقتصادية الرأسمالية، إلى درجة أن الحكومات سنت قوانين لفرض المنافسة. وتمنع هذه القوانين الاتفاقيات بين البائعين التي تتدخل في أداء المنافسة، كما تحظر قوانين أخرى معظم أشكال الاحتكارات. وفي الاحتكار، تتحكم شركة واحدة في عرض سلعة معينة. كذلك تمنع قوانين أخرى قيام معظم اتحادات المنتجين وبعض الاتحادات الاحتكارية الأخرى والاتحادات التي تتكون من مجموعات من المنشآت تتحكم في كل مايرتبط بصناعة معينة أو بمعظمها. انظر: مكافحة الاحتكار، قوانين.
 
 
توزيع الدُّخول. في ظل الرأسمالية، يعتمد تحديد من يحصل على السلع والخدمات المنتجة اعتمادًا أساسيًا على الذي يمتلك القدرة على شرائها. وتعتمد الكمية التي يستطيع الناس شراءها من السلع والخدمات على حجم الدخل الذي يتلقونه.
 
ويكسب الناس دخلهم بوسائل متعددة. فمعظم الناس يتلقى دخله على هيئة أجور أو رواتب مقابل العمل. وتتلقى مشاريع الأعمال دخلها في صورة أرباح تعود على أصحابها. ويمتلك الشركة أولئك الذين يشترون جزءًا من أسهمها ويتلقون دخلهم عادة في صورة أرباح موزعة. ويتلقى مُلاّك الأَرض والعقارات دخلهم في صورة إيجارات. أما أصحاب السندات والحسابات الادخارية فيتسلمون العائد على هيئة فائدة. وينتفع كثيرون من البرامج الحكومية، حيث يتسلمون مدفوعات تحويلية، مثل الضمان الاجتماعي وعلاوات التقاعد. ويسمى إجمالي الدَّخل المتحصل عليه في البلاد الدخل القومي. وفي البلدان الصناعية، تمثل الأجور والمرتبات ومستحقات الموظفين عادة حوالي ثلاثة أرباع الدخل القومي.
 
وفي ظل الرأسمالية، يكسب الناس دخلهم بإنتاج السلع والخدمات التي يطلبها المستهلكون. وتؤثر قوى العرض والطلب كذلك في مقدار دخل الفرد. فعلى سبيل المثال؛ من المتوقع أن تدفع شركة صناعية مبالغ أكثر لمديري المصنع من تلك التي تدفعها للعمال غير المهرة؛ إذ تدفع المنشأة أموالاً أكثر للمديرين لأن مبيعات المنشأة وأرباحها تعتمد اعتمادًا كبيرًا على نوعية القرارات التي يتخذها المديرون. وكذلك قد يندر توافر المديرين بالمقارنة مع العمال، ومن هنا يضطر أصحاب العمل إلى إنفاق أموال أكثر ليتمكنوا من جذب هؤلاء.
 
وفي كثير من الصناعات، يتجمع العمال في منظمات لمحاولة زيادة دخلهم. ويتفاوض العمال عن طريق نقاباتهم مع أصحاب العمل لتحديد الأجور، وساعات العمل، وقوانين الأمن والسلامة، والظروف الأخرى المحيطة بعملهم. ويُمكن أن تتسبب زيادة الأجور في بعض الصناعات الكبيرة، مثل الفحم والحديد، في زيادة الأجور على نطاق الاقتصاد كله. ويتمتع العمال في بعض الصناعات بحماية قوانين الحد الأدنى من الأجور التي تُجيزها الحكومات. وتُحدد هذه القوانين الحد الأدنى الذي يُمكن لصاحب العمل أن يدفعه لعامل مقابل ساعة من العمل.
 
وفي الاقتصاد الحر، تؤدي الادخارات والاستثمارات الخاصة دورًا مؤثرًا في النمو الاقتصادي. فحين يدّخر الناس جزءاً من دخلهم، يصبح من الضروري عليهم أن ينفقوا أموالاً أقل على السلع الاستهلاكية والخدمات. ومن هنا يتوافر المزيد من الأموال لصنع الآلات وبناء المصانع. ويُمكن للمدخرين إيداع أموالهم في المصارف التي تقوم بدورها بإقراض مشاريع الأعمال. كذلك يُمكن للمدخرين أن يستثمروا أموالهم في الأَسهم والسندات التي تطرحها الشركات. وبأموال هؤلاء المستثمرين، يُمكن للمنشآت أن تزيد من مواردها الصناعية. وفي الاقتصاد الرأسمالي، تعتمد سرعة نمو الاقتصاد اعتمادًا كبيرًا على مدى استطاعة المستهلكين وشركات الأعمال الادخار والاستثمار
 

Similar Posts