الاقتصاد الحر

نظريا‏,‏ فإن الاقتصاد الحر‏,‏ أو اقتصاد السوق الحر أو اقتصاد المشروع الحر‏,‏ هو نظام اقتصادي لا يعرف تدخل الدولة في الاقتصاد‏;‏ حيث يمتلك الأفراد جميع الموارد‏,‏ ويقومون باتخاذ قرارات تخصيصها‏,‏ ويتم إنتاج وتوزيع السلع والخدمات في سوق حرة توجهها أسعار حرة بقبول طوعي متبادل للبائعين والمشترين‏,‏ وتقرر مشروعات الأعمال وجماهير المستهلكين من ينتج ؟ وماذا ينتج؟ وماذا يشتري؟ وثمن ما ينتج؟ ومن يحصل علي الناتج؟ وهذه القرارات‏,‏ وغيرها مما يتصل بالنشاطات والمعاملات الاقتصادية‏,‏ تتأثر ـ نظريا ـ بضغوط المنافسة والعرض والطلب فقط‏!‏ ويرتبط مفهوم الاقتصاد الحر بفلسفة‏’‏ دعه يعمل‏’,‏ التي تطالب‏_‏ في أفضل الأحوال‏-‏ بقصر تدخل الدولة في الاقتصاد علي التنظيم‏,‏ بحيث لا يتعدي فرض الضرائب لتمويل ما يلزم لحماية حرية السوق‏!‏والفكرة النظرية الجوهرية في السوق الحرة هي التعامل الطوعي‏.‏ فلا تصبح السوق حرة إذا منعت الدولة بالقانون تاجرا من بيع سلعة بأي سعر يريد‏!‏ أو إذا أصدرت أوامر تحدد كمية السلعة الواجب تصنيعها‏.‏ كما يفترض أن الطلب يمثل ضغطا علي السوق يمارسه المشترون‏,‏ ويحدث التبادل حين يلتقي الطلب مع العرض‏.‏ وحين يزيد العرض علي الطلب يجد المشترون أنه يمكنهم خفض الثمن المستعدين لعرضه‏,‏ وقد يتنافس البائعون مع بعضهم البعض بخفض الأثمان التي يطالبون بها أو بخفض الإنتاج أو بتصفية مشروعاتهم‏.‏ أما حين يزيد الطلب علي العرض فإنه يمكن للبائعين رفع السعر‏.‏ وقد يستمر المستهلكون القادرون علي دفع الثمن المرتفع‏,‏ بينما يمتنع الآخرون عن الشراء تماما‏.‏ ومع ارتفاع الأسعار قد يختار البائعون زيادة الإنتاج أو يدخل موردون جدد إلي نشاط الأعمال بفضل حرية الدخول إلي السوق‏!‏والواقع أن نظرية السوق الحرة لا تفترض وجود المنافسة‏,‏ لكنها تفترض عدم وجود حواجز أمام الداخلين الجدد إلي السوق‏.‏ ورغم أن حافز الربح ـ بل والربح نفسه ـ ليسا ضروريين لوجود سوق حرة‏,‏ فان هذه السوق تفترض وجود حافز الربح‏.‏ كما تفترض السوق الحرة وجود منظمين من الأفراد وشركات الأعمال وسوق للصرف وقطاع للخدمات المالية‏,‏ لكن هذه مظاهر لا تمثل أساسا لتعريف السوق الحرة‏.‏ وبرغم أن السوق الحرة تجريد مثالي‏,‏ فإنها تتجسد في ظواهر نشطة وقوية رغم محاولات حظرها مثل السوق السوداء والاقتصاد السري‏!‏ حيث يشير العديد من أنصار السوق الحرة إلي قطاعات مثل تجارة المخدرات للبرهنة علي عفوية السوق التي يمكن أن تعمل بدون تدخل الدولة‏!‏ وفي سياق عدائهم لتدخل الدولة في الاقتصاد‏,‏ يعارض بعض المدافعين عن السوق الحرة من الرأسماليين الفوضويين فرض الدولة للضرائب‏,‏ ويرفضون التسليم بأن دور الدولة أساسي لحياة السوق الحرة‏;‏ حيث يزعمون أن السوق تفضل الدولة في توفير جميع الخدمات والسلع العامة‏,‏ بما في ذلك خدمات الدفاع والأمن‏!‏ وإن قبل البعض بالمحاكم لحماية العقود‏.‏ونظريا‏,‏ فإن قانون العرض والطلب يسود في السوق الحرة المثالية‏,‏ ويؤثر علي الأسعار في اتجاه توازن العرض والطلب‏.‏ وعند أسعار التوازن هذه ـ بافتراض عدم الغش التجاري ـ يوزع السوق المنتجات علي المشترين طبقا لمنفعة المشتري لكل منتج‏,‏ ضمن الحدود النسبية للقدرة الشرائية للمشتري‏.‏ وتفترض نظرية السوق الحرة غيابا تاما للضغوط المصطنعة علي الأسعار بواسطة الضرائب والدعم والتعريفة الجمركية أو التنظيم الحكومي‏.‏ وحين لا تستقر الأسعار‏,‏ كما في حالة المضاربة‏,‏ يلوم المدافعون عن السوق التأثيرات الخارجية مثل‏:‏ سوء المناخ‏,‏ والتطورات التقنية‏,‏ وتدخل الدولة‏,‏ باعتبارها أسبابا لعدم توازن الأسعار‏!‏ ومن تعريفها ذاته لا توجد السوق الحرة بدون الملكية الخاصة‏,‏ التي تحتاج هيئة تعرفها وتحميها ونقودا تقوم بوظائف وسيلة الدفع‏.‏ وكانت الدولة ـ باعتبارها هذه الهيئة ـ هي المدافع التقليدي عن الملكية الخاصة والمنظم لوظيفة سك النقود‏,‏ لكن فوضوي السوق الحرة يزعمون أن الملكية الخاصة يمكن حمايتها بخدمات خاصة ممولة اختياريا‏,‏ وأنه يمكن استخدام وسيط للمبادلة يماثل النقود بغير حاجة إلي وجود دولة‏!‏ويزعم فوضويو السوق الحرة أنه في اقتصاد سوق حرة حقيقية‏,‏ لا وجود لمحتكر قانوني لعرض النقود باعتبارها أداة للوفاء بالالتزامات‏,‏ أو سلطة مركزية تخلق النقود وتفرض علي المجتمع استخدامها كوسيط وحيد للتبادل وفرض الضرائب علي المعاملات وإصدار القروض‏.‏ ويقولون إنه لا ينبغي أن تخضع مبادلات رؤوس الأموال والسلع والخدمات وتدفقات الأموال للتنظيم الحكومي‏,‏ باستثناء وقف التواطؤ أو التآمر الذي قد يحدث بين المشاركين في السوق‏.‏ وحيث ينبغي تمويل حماية السوق‏,‏ لا ينبغي للضرائب أن تزيد عن ضرورات هذه الحماية‏,‏ ويبقي القول بأن المدافعين السوق الحرة هم مناصرو الليبرالية الاقتصادية‏,‏ ومن يسمون الليبراليون الجدد الذين يقودون عمليات حفز إقامة اقتصاد سوق حرة عالمية وتقليص دور الدولة في الاقتصاد وتنفيذ برامج الخصخصة‏,‏ وفي إطار العولمة‏,‏ أصبحت الجماعات المؤيدة للسوق تقبل وصفها بالحرة فقط إذا مارست الحكومات سياسات‏’‏ دعه يعمل‏’!‏ وغدت الاقتصادات توصف بأنها مختلطة‏-‏ رغم وجود عناصر للسوق الحرة‏-‏ حيثما تتدخل الحكومة في الاقتصاد‏!‏

Similar Posts