«الروشتة الإلكترونية».. طوق نجاة من خطوط الأطباء

«7 آلاف شخص يموتون سنويا في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب الأخطاء الناتجة عن صرف روشتات الأدوية المكتوبة بخط اليد من أطباء بشكل غير مفهوم، ويعاني نصف مليون شخص من إصابات سنوية بسبب الدواء الخطأ».. هذا ما خلصت له دراسة حديثة أعدها المعهد الوطني لكلية الطب والأطباء في الولايات المتحدة.
 
سر «شفرة» خطوط الأطباء
 
الدراسة كشفت السر وراء كتابة الطبيب وصفة الدواء بطريقة غير مفهومة، وأهم الأسباب هي ضيقُ حجم ومساحة الورقة التي يكتب عليها الطبيب وصفته، وازدحام مواعيد الطبيب، ما يجعله يكتب الدواء بسرعة مع التركيز على توضيح الأحرف الأولى المميزة للدواء دون غيرها، بإلاضافة لإدراكهم أن الروشتات ستحفظ في ملفات دون رجوع أحدا لها.
 
 
 
وأثبتت الدراسة، أن نسبة الخطأ في شراء الدواء بناء على وصفة مقدمة عبر البريد الالكتروني لا تتعدى 10%.
 
مبادرة الروشتة الإلكترونية
 
لهذا أطلق أحمد الجويلي، صيدلي، مبادرة «الروشتة الإلكترونية»، معللا مطالبه بأن: «الأخطاء الصغيرة في الروشتة ممكن أن تؤدي إلى وفاة المريض أو إصابته بعاهة مستديمة».
 
ودعم كثير من الصيادلة ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، المبادرة، عبر مشاركات لروشتات مكتوبة بشكل غير مفهوم تشبه «الطلاسم»، مطالبين بتطبيق كتابة روشتة الأطباء بشكل إلكتروني بواسطة كبيوتر وطبعها.
 
العراق نموذجا
 
فكرة «الروشتة الإلكترونية» ليست جديدة من نوعها في المنطقة العربية، بل تبنتها نقابة الأطباء في العراق والزمت الأطباء بتعميمها.
 
«الجويلي» صاحب مبادرة «الروشتة الإلكترونية» فقد أكد أن الأمر لن يكن مكلفا على الإطلاق بل كل ما يحتاجه الطبيب في عيادته فقط جهاز كمبيوتر وطابعة.
 
تأييد الصيادلة
 
استطلعنا آراء عدد من الصيادلة حول الفكرة، فجاءت إجاباتهم مؤيدة للمبادرة، فتقول د. أميمة إبراهيم: «إن الخط السيئ للطبيب المشخص يصعب مهمة الصيدلي في قراءته، وأنا على المستوى الشخصي أحتاج لحوالي ربع ساعة حتى أستطيع فك طلاسم بعض الروشتات، واضطر أحيانا للاتصال بالطبيب الذي كتب الروشتة للتأكد من اسم الدواء».
 
 
 
د. أيمن عبد العبود، صيدلي، يدعم المبادرة بقوله: «سوء الخط لدى الأطباء له مضاعفات خطيرة تفوق بكثير صعوبة فهمه فقط، وبعض الروشتات لا تحتوى سوى على 3 أحرف فقط من اسم الدواء، ما يعقد مهمة الصيدلي».
 
 
 
أما د. ابتسام أحمد، صيدلانية، فتقول إنها في بعض الأحيان تستعين بزملاء لها في المهنة لفك طلاسم بعض الروشتات عن طريق تصويرها وإرسالها عبر الواتساب، مضيفة: «الأطباء معتقدين أننا هنفهم خطهم طالما هم فاهمينه».
 
مبررات الأطباء
 
لكن للأطباء وجهة نظر أخرى، فيقول د. محمد علي، إن الصيدلي اعتاد على اسم الدواء، وبمجرد ما يقرأ أعلى الروشتة تخصص الطبيب أنف وأذن وحنجرة، ويقرأ أول أحرف الدواء يصل للدواء المطلوب، فلا يعقلا مثلا أن يصرف للمريض أدوية مخ وأعصاب مثلا أو أدوية سرطان.
 
 
 
ويتفق معه د. أحمد سلامة، في ذات الرأي بأن الأزمة لا تكمن في خطوط الأطباء بقدر ما تكمن في غياب الصيادلة عن الصيدليات وينوب عنهم “مندوبين” من ذوي التعليم المتوسط أو بعيدا عن تخصص الصيدلة ولا يعلمون شيئا عن الأدوية أو اللغة الإنجليزية.
 
 
 
من جانبها، علقت نقابة الأطباء على مبادرة «الروشتة الإلكترونية»، على لسان الدكتور محمد عبد الحميد، عضو مجلس نقابة الأطباء، بأنها “شيء عظيم” ولكن ليس كل الأطباء في المحافظات والقرى لديهم أجهزة كمبيوتر أو طابعة وبالتالي فهي غير مهمة، فالصيادلة يعرفون الأدوية جيدًا عند كتابة أول حرف من الدواء وليست الأخطاء “ظاهرة”، وإذا كان هناك خطأ فهو قليل الحدوث.
 
 
 
وأشار إلى أن هناك عدد كبير من الأطباء يملكون خط سيئ للغاية وهو واحد منهم ولكن الصيادلة يعرفونه، ولكن الأخطاء بسيطة لأن من الطبيعي أن الروشتة الطبية معروف مصدرها وتخصص الطبيب سواء كان جراح أو نسا وتوليد وهكذا، وبالتالي لا يمكن أن يعطي الصيدلي لمريض المسالك البولية أدوية مخ وأعصاب، ولكن الكارثة الحقيقية هي من يجلسون في الصيدليات ليسوا صيادلة ولا يفقهون شيئًا في الأدوية، لأن الصيدلي في حالة وجود خطأ أو مشكلة يعود للاتصال بالطبيب للتأكد منه.
 
 
 
أما الدكتور سمير علي توني، عضو مجلس نقابة الأطباء، فأوضح أن الروشتة بشكل إلكتروني هي إجباري الحدوث مع تطور المنظومة ولكن ليس الركن الأساسي، وإنما التشخيص الصحيح وكتابة العلاج المناسب هو الأساس.
 
 
 
75 ألف صيدلية
 
في ذات السياق، دعت نقابة الصيادلة، على لسان الدكتور عصام عبدالحميد، القائم بأعمال نقيب الصيادلة، لتبني فكرة «الروشتة الإلكترونية»، ووصفها بأنها “جيدة جدا”، وتعمل على تلاشي الأخطاء الجانبية التي تحدث بسبب قراءة الروشتة بشكل خاطيء.
 
 
 
وأضاف أن هناك 75 ألف صيدلية منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية بخلاف الصيدليات المتواجدة بداخل المستشفيات العامة والحكومية، والروشتة الإلكترونية تسهل من قراءتها وخاصة للصيادلة صاحبي الخبرات البسيطة، كما أن هناك برامجا تعمل على اختيار الأدوية بدلا من الطبيب اعتمادا على التشخيص فقط.
 

Similar Posts