الصراع الاجتماعى

إن الفكر الاجتماعي للقرن التاسع عشر غالباً ما كان يؤكد على أهمية الصراع الاجتماعي. لهذا اهتم العلماء والمفكرون الاجتماعيون منذ عصر كومت فصاعداً بالبحث عن النظم والأحكام الاجتماعية الضرورية والظروف الموضوعية التي تستطيع تحقيق التكامل والانسجام والتوافق الاجتماعي الذي كان الإنسان آنذاك بحاجة ماسة إليه. وقد ظهرت في ذلك الوقت نظريتان تفسران طبيعة وخطورة الصراع الاجتماعي، كل نظرية كانت تستند على افتراضات معينة تتناقض مع افتراضات النظرية الأخرى. فهناك نظرية هوبز التي أيدتها النظرية الدارونية والتي تقول بأن المجتمع البشري هو في حالة صراع وحرب مستمرة، فالقوي دائماً يسلب حقوق الضعيف وهذا القوي لا بد أن يضعف فيقدم عليه شخص أقوى منه فيسلبه أمواله وحقوقه وقد دعمت نظرية دارون نظرية هوبز هذه لكنها أضافت بأن البقاء هو للأصلح والصراع الذي يخوضه الجنس البشري ما هو إلا حالة طبيعية يمارسها بصورة مستمرة من أجل البقاء.أما ماركس فقد اعتقد بأن جوهر الصراع يكمن في التضارب والتناقض بين مصالح الطبقات الاجتماعية التي تقررها طبيعة العلاقات الإنتاجية التي يكونها الإنسان مع وسائل الإنتاج والتي تقود إلى الصراع الطبقي الدائم. إلا أن جميع هذه الآراء المتضاربة التي تدور حول دور الصراع في الأنظمة الاجتماعية لا تزال تسيطر على نظريات ومفاهيم علم الاجتماع المعاصر فهناك المكروسسيولوجي (Micro – Scociology) الذي يدرس حالة الصراع الموجودة بين الأدوار والعلاقات الاجتماعية التي تربط أبناء المنظمات، وهناك الماكروسسيولوجي (Macro – Sociology) الذي يدرس حالة الصراع الموجودة في الأنظمة الحضارية والاجتماعية.فمثلاً تركز نظرية العالم تالكت بارسن على موضوع المكروسسيولوجي إذ أنها تدرس العلاقات الاجتماعية النظامية التي تحددها القوانين المدونة أو غير المدونة أو المتعارف عليها. وفي هذه العلاقات يتوقع كل شخص يدخل فيها سلوكية وأخلاقية الشخص الآخر ومثل هذا التوقع يفهمه الشخص الذي يكون العلاقة الاجتماعية ويساعده في تحقيق أهدافه وطموحاته، لكن كل علاقة اجتماعية معرضة لاحتمالين. الاحتمال الأول هو عدم فهم الشخص توقع سلوك الشخص الآخر الذي يدخل في علاقة معه، والاحتمال الثاني هو فهم الشخص توقع سلوك الشخص الآخر. بيد أن هذا التوقع لا يساعده على تحقيق طموحاته وأهدافه وهذه الحالة لا بد أن تسبب الصراع بين الأطراف المعنية على مستوى المكروسسيولوجي.يكون الصراع على أشكال مختلفة، فالمنافسة التي تقع بين شخصين للحصول على المواد الأولية هي منافسة مجردة، لكنه عندما تكون المنافسة بينهما غير سلمية أي أن كل واحد منهما يكون مستعداً لاستعمال أسلوب العنف أو الإجراءات الانتقامية ضد الشخص الآخر فإن هذه المنافسة تتحول إلى صراع خفي أو ظاهر حسب الأحوال والظروف التي ينشب فيها.

Similar Posts