المنسوجات صناعة تتحدى التاريخ.. أثقلتها المشاكل

داخل متجر لبيع المفروشات بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية ذهبت لشراء » فوطة » فقدم لى البائع – الذى يتحدث العربية بصعوبة و يبدو انه ينحدر من دول جنوب شرق اسيا – مناشف صناعة باكستانية ، طلبت نوعية اجود فعرض الصينية ثم الهندية الى ان جاء بالامريكية .. فسألته هل لديك اجود .. ؟!
فحدق البائع فى وجهى وكأنه يتفحص مقدرتى المالية .. وقال بثقة لدينا اجود الانواع .. واستدار كمن يحضر شيئا ثمينا وضعه فى ركن خاص به ـ وبدأ يعرض ما لديه وعلامات الزهو ترتسم على ملامحة وهو يقول «فوطة مصرية 100% من اجود انواع القطن فى العالم» ..!
 
اصابتنى الدهشة وشعرت بالفخر بمنتج مصرى مازالت له مكانتة المعتبرة دون باقى المنتجات الماثلة فى اكبر دول العالم ..
 
محمد المرشدى رئيس غرفة المنسوجات باتحاد الصناعات ذكر لى امرا مهما .. بعض الماركات العالمية الشهيرة فى سويسرا تستورد من مصر الغزل طويل التيلة وتصنع منه القميص الرجالى وتبيع الواحد بالف دولار وتحرص هذه العلامة التجارية الشهيرة على كتابة »صنع فى سويسرا من اجود انواع القطن المصرى طويل التيلة » .
 
اذا كان الحال كذلك اين المشكلة اذا ..؟!
 
تباينت الآراء فى الآونة الاخيرة بين من يرى ان الصناعة بدأت تتعافى وتنهض وتطور نفسها .. وبين من يرى ان مصر بامكانياتها وتاريخها وعمالتها مؤهلة لان تتصدر العالم فى هذه الصناعة بما لد يها من امكانيات .. ولكن بشرط التغلب على بعض المشاكل التى أثقلت هذه الصناعة رغم مكانتها التاريخية .
 
الدكتور محمد عبد السلام رئيس غرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، يقدر استهلاك المصريين من الملابس الجاهزة والمفروشات، بنحو 200 مليار جنيه سنويا.
 
وأرجع هذا الرقم إلى أن المعدل العالمى لاستهلاك الفرد من الملابس والمفروشات، يساوى 14 كيلوجراما وسعر الكيلو يقدر عالميا بمبلغ 16.5 دولار وفى مصر النسبة تنخفض، فلو قدرنا  أن حجم استهلاك الفرد يتراوح بين 7 و8  كيلو جرامات فى السنة، أى ما يعادل من 115 إلى 130 دولارا تقريبا بما يوازي 2000 جنيه فى المتوسط، وبحساب عدد السكان 100 مليون نسمة إذا نحن أمام ما يعادل 200 مليار جنيه حجم استهلاك سنوي. ويؤكد أن حجم الإقبال على شراء الملابس الجاهزة، يرتفع خلال موسم رمضان الذى يعد من أهم المواسم عند المصريين بنحو 70% لملابس الأطفال و40 % تقريبا لملابس الكبار وتزيد  مبيعات المحلات منذ الأسبوع الثانى حتى نهاية  رمضان بنحو 10 أضعاف ما تبيعه فى الأيام العادية.
 
ويقول إنه رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أن التطور الحادث فى صناعة الملابس أفضل هذا العام عن العام الماضى وقبل الماضي، مشيرا إلى أنه ومنذ صدور قرارات ترشيد الاستيراد، تشجع المنتجون على تطوير مصانعهم وضخ استثمارات جديدة فى هذه الصناعة وعادوا يحرصون على متابعة خطوط الموضة العالمية ويسافرون إلى المعارض الخارجية للتعرف على أحدث ما توصلت إليه هذه الصناعة سواء في  الماكينات أو الموديلات الجديدة  أو الإكسسوارات.
 
وينوه إلى أن ما شهدته صناعة الملابس الجاهزة من تطور خلال الثلاث سنوات الأخيرة منذ صدور قرارات ترشيد الاستيراد وحتى الآن، يعادل ما شهدته الصناعة من تطور منذ 20 عاما، مؤكدا أن أقل مصنع انفق من 5 إلى 6 ملايين جنيه لتطوير الماكينات والمعدات لديه وهو ما أدى الى زيادة كبيرة فى معدلات الجودة.
 
ويؤكد انخفاض حجم الواردات من الملابس الجاهزة، بنحو 90 % وخاصة بعد قرارات ما يعرف «بواردات بورسعيد» والتى تنص على خصم الحاوية من الحصة الاستيرادية طبقا لقيمتها الجمركية بالأسعار الاسترشادية  للمنطقة الحرة ببورسعيد التى لدى الجمارك والتى تحدد كيلو الملابس بسعر 16.5 دولار والتى ترتب عليها انخفاض عدد الحاويات من 4300 حاوية كانت تدخل سنويا إلى ما يقارب من 200 إلى 300 حاوية فقط، لأن الحصة السنوية المحددة للمنطقة الحرة، تقدر بمبلغ 160 مليون جنيه سنويا بما يساوى 225 مليون دولار باحتساب سعر الدولار 71 قرشا – السعر الذى كان وقت إنشاء المنطقة الحرة وبالتالى فإن هذا القرار قلص كثيرا من عدد الحاويات المستوردة من الملابس الجاهزة والتى كانت تدخل المنطقة الحرة ويتم تهريبها الى جميع أنحاء الجمهورية.
 
ومن جانبه يؤكد مجدى طلبه رئيس المجلس التصديرى للمنسوجات والملابس ووكيل غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات ونائب رئيس المجلس الاعلى للصناعات النسيجية، أن مصر بإمكانياتها وتاريخها وعمالتها، تؤهلها لأن تتصدر العالم فى هذه الصناعة وللأسف لدينا إمكانيات التوسع ولكن لا نتوسع بسبب بعض المشاكل التى يأتى على رأسها التمويل، فلا توجد صناعة ولا اقتصاد بدون تمويل وخصوصا للقطاع الخاص، فتكلفة التمويل لدينا مرتفعة، بل بشعة والضمانات مبالغ فيها جدا، أضف إلى ذلك، الارتفاع غير المسيطر عليه فى تكاليف الإنتاج وأسعار المرافق من غاز وكهرباء ومياه وهى أمور تعوق عملية الإنتاج وتجعل معدلات انتاجنا اقل من دول كثيرة.
 
ويقول: منذ 9 سنوات ونحو 90% من المصانع لدينا، لم تحدث ماكيناتها وهذا الأمر فى منتهى الخطورة، بجانب عدم توافر العمالة المدربة، فلا يوجد استثمار بشرى والمصانع تعانى نقصا شديدا فى العمالة المدربة، مؤكدا أنه ومنذ تعويم سعر صرف الجنيه، كان من المفترض أن يقابل ذلك مضاعفة فى حجم الصادرات ولكن الزيادة محدودة جدا خاصة وأن نحو 60 % من مستلزمات صناعة الملابس مستوردة من الخارج وهو ما ضاعف أسعار مستلزمات الإنتاج وبالتالى انعكس على أسعار المنتج النهائي، كما أن نحو 40% من المصدرين خرجوا من التصدير خلال 4 سنوات فقط، بسبب التعثر أو التعامل مع البنوك وعدم تمكنهم من تحديث الماكينات.
 

Similar Posts