انتعاشة فى حركة الاعتمادات المستندية

أكد مصرفيون أن التراجع فى العملة الخضراء خلال الفترة الماضية بالتزامن مع دخول الموسم الشتوى والأعياد، دفع إلى حدوث انتعاشة فى حركة فتح الاعتمادات المستندية بعد ركود دام أكثر من شهرين تأثراً بعدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية بالبلاد.

ولفتوا إلى بدء تلاشى قوائم الانتظار الطويلة داخل البنوك، الأمر الذى يعكس نجاح تدبير الموارد الدولارية اللازمة لسد احتياجات المستوردين خلال الفترة الماضية، خاصة فى ظل دعم الدول العربية احتياطى النقد الأجنبى للبلاد.

وأوضحوا أن ضيق الفارق بين سعرى السوقين الرسمية والموازية للدولار حد من تفاقم أزمة تدبير الموارد الأجنبية اللازمة للعمليات الاستيرادية، الأمر الذى خفف الضغط على البنوك.

ورحبوا بقرار البنك المركزى الأخير مد إعفاء عدد من السلع الأساسية من نسبة الغطاء النقدى 6 أشهر إضافية وحتى يونيو 2014، مع ترك الحرية للبنوك فى تحديد نسبة تبعاً للقواعد الائتمانية، مؤكدين أن هذا القرار سيحافظ على استقرار أسعار هذه السلع وسيزيد القدرة الشرائية للمستوردين.

وأرجع المصرفيون هبوط أرصدة الاعتمادات المستندية للاستيراد والتصدير لدى معظم البنوك خلال النصف الأول من العام الحالى، إلى الأزمة الطاحنة التى واجهها المستوردون فى تدبير الدولار فى ظل تراجع الاحتياطى الأجنبى للبلاد وارتفاع الفارق بين السوقين الرسمية والموازية وتعدى الدولار فى بعض الأحيان حاجز الـ8 جنيهات.

وكشف مسح أجرته «المال» على عينة من القطاع المصرفى عن تراجع أرصدة الاعتمادات المستندية لدى 6 بنوك من نحو 11 بنكاً وبنسب تراوحت بين 22 و%50، فيما استطاعت خمسة بنوك تحقيق معدلات نمو بنسب بلغت %150 بنهاية يونيو الماضى.

فى البداية أكد أحمد عبدالعاطى، مدير إدارة العمليات المركزية والاعتمادات المستندية ببنك فيصل الإسلامى، انتعاش حركة فتح الاعتمادات المستندية وعمليات تمويل التجارة خلال الفترة الراهنة، لافتاً إلى أن سهولة تدبير العملة الخضراء عن الفترات السابقة انعكست على عمليات تمويل التجارة ككل.

وقال إن القطاع الصناعى واستيراد المواد الخام والأخشاب والملابس من أنشط القطاعات خلال الفترة الراهنة، مشيراً إلى أنه مع دخول الموسم الشتوى والأعياد تنشط حركة الاستيراد لسد الاحتياجات اللازمة لهذه المواسم، الأمر الذى ينعكس على حركة فتح الاعتمادات المستندية بالقطاع المصرفى.

وأضاف عبدالعاطى أن وفرة الدولار عززت من إتمام العمليات التجارية، خاصة أن هذه العمليات تتوقف على تدبير العملات الأجنبية لاستيراد السلع اللازمة، موضحاً أن وصول العملة الخضراء لمستويات قياسية من قبل خيم سلبياً على عمليات تمويل التجارة وحد من القدرة الاستيرادية للتجار.

ويرى أن قرار « المركزى» مد إعفاء السلع الأساسية من الحد الأدنى للغطاء النقدى لم يحافظ على استقرار الأسعار فقط بل سيزيد من القدرة الاستيرادية للتجار، وبالتالى استيراد عدد أكبر من السلع، مما ينعكس فى النهاية على استقرار الأسعار والحد من التضخم المستورد.

ولقد قرر «المركزى» مد فترة استثناء عمليات استيراد عدد من السلع الأساسية من الحد الأدنى لنسبة التأمين النقدى البالغة %50 حتى يونيو 2014، مع ترك الحرية للبنوك فى تحديد نسبة الغطاء النقدى ودون حد أدنى، لتعد هذه المرة الثالثة التى يقوم بها «المركزى» بمد إعفاء هذه السلع من نسبة الغطاء النقدى بعد إضافة قائمة سلع جديدة إلى الدواجن واللحوم والسكر التى بدأ استثناؤها قبل ثورة يناير.

وتتضمن السلع التى يطبق عليها الإعفاء اللحوم والدواجن والسكر بجميع أنواعها، بالإضافة إلى الأدوية والأمصال والمواد الكيماوية الخاصة بها، وألبان الأطفال والمواد الغذائية كالقمح والزيوت والحبوب والأعلاف كالذرة والصويا وباقى المستلزمات، والأسمدة والمبيدات الحشرية.

وفيما يتعلق بتراجع أرصدة الاعتمادات المستندية لدى عدد من البنوك خلال النصف الأول، قال عبدالعاطى، إن صعوبة تدبير الدولار خلال تلك الفترة انعكست على قدرة فتح الاعتمادات، الأمر الذى دفع المستوردين للاعتماد على التحصيلات المستندية لانخفاض تكلفتها عن الاعتمادات.

من جانبه قال سامح غراب، نائب مدير عام قطاع العمليات المصرفية ببنك التنمية الصناعية والعمال، إن تراجع الدولار مع ارتفاع الاحتياطى النقدى للبلاد عن مستويات ما قبل 30 يونيو، بعث حالة من التفاؤل بين المتعاملين بالسوق خاصة مع بدء تحسن عدد من الموشرات الاقتصادية وجذب الاستثمارات العربية المباشرة دون الاقتصار على المنح والمساعدات.

وأضاف أن مسألة وفرة الدولار بالسوق بعد ارتفاع الاحتياطى تحدث نوعاً من الطمأنينة لدى التجار، خاصة فى ظل تلاشى السوق السوداء وضيق الفارق بين أسعار الدولار فى السوقين الرسمية والموازية، موضحاً أن العميل فى حال عدم قدرته على تدبير الدولار من القطاع المصرفى يستطيع الحصول عليه من الصرافة أو السوق الموازية دون الفروق الكبيرة التى كانت موجودة من قبل.

ولفت نائب مدير عام قطاع العمليات المصرفية ببنك التنمية الصناعية والعمال، إلى أن سعر الدولار فى الفترات السابقة تجاوز 8 جنيهات فى السوق الموازية، مما أربك المتعاملين بالسوق وانعكس سلباً على حركة فتح الاعتمادات خلال النصف الأول، متوقعاً أن تعوض الانتعاشة الحالية التراجع الذى حدث الفترة السابقة.

وأوضح أن الطلبات المعلقة والمكدسة بالبنوك فى اتجاه هابط، فضلاً عن أن تدبير الموارد اللازمة للعمليات الاستيرادية يتم بوتيرة أسرع بكثير من الفترات السابقة، مشيراً إلى أن حركة فتح الاعتمادات تأثرت بشكل كبير بانكماش السوق الفترة الماضية وعدم توافر الدولار.

وعن قرار «المركزى» الأخير بمد إعفاء عدد من السلع الأساسية، قال غراب إن هذا القرار مطلوب لتقليل معدلات التضخم والحد من التضخم المستورد الناتج عن ارتفاع أسعار السلع المستوردة.

وأوضح أن قرار «المركزى» يسمح لكل بنك بالتعامل مع كل عميل تبعاً للحدود الائتمانية والقواعد العامة لمنح الائتمان، مشيراً إلى أن تقليل نسبة الغطاء أو إعفاءه تماماً منها يخفض من التكلفة ويوفر سيولة للعميل تمكنه من تنفيذ أكثر من عملية استيرادية فى الوقت نفسه مما يضفى بظلاله على أسعار هذه السلع بالسوق المحلية.

ومن جهته أكد أحمد عبدالمجيد، مدير إدارة الائتمان ببنك الاستثمار العربى، تحسن حركة فتح الاعتمادات المستندية خلال الفترة الراهنة، خاصة مع تراجع أسعار الدولار وسهولة تدبير الموارد الأجنبية اللازمة للعمليات الاستيرادية من الفترات السابقة التى كانت تشهد صعوبة وارتفاعاً فى تكلفة الحصول على العملة الخضراء.

وقال إنه مع بدء قيام «المركزى» بعطاءات استثنائية لتلبية الطلبات المعلقة من العمليات الاستيرادية، بدأت تتلاشى قوائم الانتظار الطويلة، مشيراً إلى أنه فى حال وجودها لدى بعض البنوك فإن تغطية طلباتها تتم بوتيرة أسرع من الفترات السابقة التى شهدت تكدساً كبيراً فى الطلبات.

وأبدى عبدالمجيد ترحيبه بقرار «المركزى» مد إعفاء عدد من السلع الأساسية من نسبة الغطاء النقدى، لافتاً إلى أن هذه السلع حيوية ومهمة جداً للمستهلك المصرى، مما يحتم على «المركزى» الحفاظ على استقرار مستويات أسعارها وتقليل التكلفة على المستوردين فى استيراد هذه السلع.

وفسر مدير إدارة الائتمان ببنك الاستثمار العربى، تراجع أرصدة الاعتمادات المستندية خلال النصف الأول لدى معظم البنوك بضعف حركة استيراد السلع خلال تلك الفترة نتيجة صعوبة تدبير الدولار اللازم، فضلاً عن أن المصانع لم تتوسع فى استثماراتها، مما انعكس على انخفاض الواردات من مستلزمات وإنتاج، علاوة على أن عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية ألقى بظلاله على العمليات التجارية بالبلاد.

وتوقع عبدالمجيد، أن تستمر موجة الانتعاش فى حركة فتح الاعتمادات المستندية حتى أواخر العام، خاصة فى ظل رغبة عدد من الشركات بتنفيذ تعاقداتها وأعمالها والتى شهدت تباطؤاً فى الفترة الماضية، فيما أبدى صعوبة توقعه بأسعار الدولار التى تنعكس على حركة التجارة، مبدياً آماله فى استمرار موجة التراجع التى تخيم على العملة الخضراء بما يضمن استمرار حركة فتح الاعتمادات.

Similar Posts