باحثون بالصعيد ينجحون في تحويل مخلفات صناعة السكر إلي أسمدة عضوية

بينما تعج القاهرة بضجيج المماحكات السياسية وتلفها سحابات الاحباط والفوضي غادرتها متجها الي صعيد مصر لعلي اتيكم منه بقبس‏.
وهناك وبالتحديد في مصنع سكر قوص التابع لشركة السكر والصناعات التكاملية- قطاع عام- عشت حراكا من نوع اخر ورأيت ارهاصات ثورة حقيقية ضد التخلف وسعيا دؤوبا لمواجهة تحديات المستقبل وزيادة العائد الاقتصادي من امكانات الصعيد الزراعية والاقتصادية, التقيت شبابا وشيوخا يملأهم الامل ويتطلعون الي مواجهة تحديات التنمية بالبحث والابتكار وشاهدت انجازا علميا واقتصاديايمكن ان يسهم بفاعلية في تحسين معيشة اهل الصعيد في معمل صغير داخل مصنع سكر قوص حيث لاول مرة في شركة قطاع عام تم انشاء مركز للابحاث والتطوير وهذا انجاز في حد ذاته يعمل بعض الباحثين الشباب ويجري عددا من التجارب والابحاث ستحول صناعة السكر الي صناعة سكروكيماويات مثلها مثل صناعة البتروكيماويات, حيث يسعي الباحثون الي استخدام البحث العلمي لاستغلال مخلفات صناعة السكر وتحويلها لمنتجات ذات قيمة اقتصادية عالية.. السائل الاسود( الفيناس) والرواسب الطينية المتخلفان عن صناعة السكر والكحول بدلا من التخلص منهما كمخلفات صناعية بلا قيمة اكتشف الباحثون انهما يحتويان علي اهم العناصر الطبيعية اللازمة لاستصلاح الاراضي الصحراوية بل المخصبات الزراعية بدلا من الاسمدة, ولكن قبل ان نلتقي بمدير مركز الابحاث والتطوير والباحثين الشباب  رئيس مصنع سكر قوص ورئيس القطاعات بشركة السكر والصناعات التكاملية يرافقه ا رئيس شئون المصانع لاشاهد انجازا اخر في اطار خطة تعظيم العائد الاقتصادي وتخفيض تكاليف الانتاج في صناعة السكر حيث نجحت الشركة في تشغيل المصنع بالغاز الطبيعي بدلا من المازوت وضخت استثمارات ذاتية لهذا الغرض قيمتها46 مليون جنيه وتم التنفيذ في زمن قياسي رغم الصعوبات الهندسية والفنية حيث تم انشاء خط انابيب لنقل الغاز الطبيعي تحت مياه نهر النيل لاول مرة ومحطة لضخ الغاز الي المصنع وقال معاتبا هذا اول تطوير حقيقي في صناعة السكر في المصنع منذانشائه في ستينيات القرن الماضي ولكن الاعلام المصري للاسف الان لا يهتم بمثل هذه الامور وسألته عن المردود الاقتصادي فقال ان استخدام الغاز الطبيعي في التشغيل بالاضافة الي البعد البيئي فانه يخفض تكلفة الانتاج ويمتد هذا الي مصنع ورق قوص الذي يعتمد علي الباجاس مخلفات عصر القصب كخامة اساسية في تصنيع الورق ويشير الي بعد اخر في غاية الاهمية قائلا: اننا ننتهج في الادارة مفهوم التنمية الشاملة الذي يضع في الاعتبار زيادة عائدات مزارعي القصب وتحسين مستوي معيشتهم وتنمية المجتمع المحلي والحفاظ علي البيئة ولهذا نعتمد علي البحث العلمي والتطوير لزيادة القيمة الاقتصادية من صناعة السكرمن خلال تخفيض تكلفة الانتاج وتحويل المخلفات الي منتجات اقتصادية عالية القيمة ولهذا فان وزير الاستثمار والشركة القابضة للصناعات الغذائية ورئيس شركة السكر والصناعات التكاملية يشجعون مركز الابحاث والتطوير والباحثين في الشركة علي مواصلة البحث والتطويرخاصة ان هناك فرصا كبيرة لتحويل صناعة السكرالي اقتصاد السكروكيماويات وفي مركز الابحاث والتطوير يشرح الكيميائي احمد نصرالله مدير المركزاهم الانجازات التي توصل اليها قائلا خطتنا البحثية تركز علي استثمار كل مخلفات صناعة السكر وتحويلها الي منتجات لها مردود اقتصادي كالاسمدة العضوية والمخصبات الزراعية بدلا من التخلص منها دون اي عائد كمخلفات صناعية وقد توصلنا الي اكتشافين مهمين الاول هو تحويل شوائب عصير القصب الي سماد عضوي حيث اكتشفنا ان هذه الشوائب تحتوي علي عدد من العناصر يتم التخلص منها اثناء عملية تنقية العصيرقبل استخلاص السكر وتشمل احماض امينية وفوسفات واحماض عضوية ومواد ملونة ويتم فصل هذه الشوائب باضافة الكبريت والفوسفور وهيدروكسيد الكالسيوم لتتكون شبكة من الكبريتات والفوسفات تمتص الشوائب مكونة مترسبات طينية اجرينا ابحاثا علي هذه الطينة ووجدنا انها تحتوي علي الفوسفات والكبريت والكالسيوم والاحماض الامينية وكذلك وجدنا انها تمثل وسطا جيدا لنمو الخمائر المنشطة للنباتات وبدأنا في توزيعها علي مزارعي القصب لاستخدامها كسماد طبيعي بعد ان تأكدنا من ان استخدامها يزيد من نسبة السكروز في القصب اما الاكتشاف الثاني كما يقول الكيميائي و- الفيناس- احد المخلفات الاخري لصناعة السكر والذي ينتج بعد تقطير المولاس لاستخراج الكحول والخل وكنا نتخلص منه دون اي استخدام اقتصادي ولكننا اكتشفنا ان هذا السائل يمكن ان يكون بديلا لطمي النيل يعيد للتربة المصرية خصوبتها الطبيعية التي افتقدتها بعد بناء السد العالي كما انه يمكن ان يستخدم في استصلاح الاراضي الصحراوية, حيث يحتوي علي البوتاسيوم والهيوميك اسيد احد المخصبات العالية القيمة والتي يتم استيرادها وتباع بالجرام نظرا لقيمتها العالية مما يجعل من الميناس سائلا ذهبيا بمعني الكلمة بدلا من السائل الاسود, ويضيف لم نكتف بالابحاث المعملية بل كونا فريقا بحثيا شارك فيه باحث شاب من مديرية الزراعة بقنا يجري دراسات الدكتوراه في مجال ابحاث التربة الزراعية  لتجربة استخدام الفيناس كسماد ومخصب طبيعي علي محصول القمح في المزرعة التجريبية بالمصنع وكذلك في مزرعة خاصة للقمح بصحراء المراشدة وحققنا نتائج مذهلة حتي الان تؤكد امكانية استخدام الفيناس كسماد ومخصب طبيعي دون استخدام اي اسمدة اخري في محصول القمح سواء في الارض الطينية او الصحراوية حيث سجلنا نموا سريعا وجودة في الاثمار لقمح الفيناس وفي انتظار الحصاد للتقويم النهائي للتجربة. وقبل ان اغادر حصلت علي جرعة امل جديدة.. بادرني  قائلا سنواصل خطة زيادة عائدات صناعة القصب.. ندرس حاليا اقامة مشروع قومي لاستصلاح4 الاف فدان من الاراضي الصحراوية في محافظة قنا باستخدام الطينة السمادية حيث يمكن انتاج200 الف طن من هذه الطينة من مصانع السكر الاربعة الموجودة في المحافظة اما الفيناس فنفكر في بيعه لاحد المستثمرين باعتباره مخصبا عالي القيمة والجودة, بدلا من القائه في مياه النيل واضاف احمد نصرالله ساواصل البحث العلمي لاستخدام النانو تكنولوجي في صناعة القصب وعندما نتوصل الي نتائج تعالوا زورونا مرة اخري عدت الي القاهرة مجددا بصخبها وضجيجها وحراكها, ولم افق من الاحلام.. لا لم تكن مجرد احلام بل آمالا وطموحات في غد افضل ارجو ان تحصنني طويلا من احباطات ليالي وايام القاهرة!!!

Similar Posts