برامج‮ «‬اليوجا والتأمل‮» .. ‬بيزنس جديد فى عالم المال والأعمال

 
برامج تجمع بين اليوجا وأساليب التأمل وتعرف باسم‮ (‬تقليل التوتر من خلال تنبيه الذهن‮) ‬باتت أحدث صيحة فى عالم الشركات والاعمال،‮ ‬مع تزايد الوعى بأهمية الحفاظ على الصحة النفسية للموظفين وذلك فى إطار مناخ عمل صحى،‮ ‬لاسيما بعد ارتفاع التكاليف الاقتصادية للامراض النفسية،‮ ‬لتصل الى نسبة تتراوح بين‮ ‬3‮ ‬و4‮ ‬٪‮ ‬من الناتج المحلى الاجمالى فى الدول الغنية بحسب تقرير لمجلة الايكونومست،‮ ‬الذى حذر من عدم حصول‮ ‬90 ٪‮ ‬من الموظفين الذين‮ ‬يعانون من مشاكل نفسية على علاج من قبل متخصصين‮.‬ فالخوف،‮ ‬من فقدان الوظيفة أو ابتعاد الاصدقاء وربما تحمل تكاليف اضافية بالنسبة لاقساط التأمين،‮ ‬يدفع الكثيرين الى إخفاء مشاكلهم النفسية وتجنب طلب المساعدة،‮ ‬لتتحول الى مرض حقيقى‮ ‬يؤدى الى زيادة معدلات التغيب عن العمل وانخفاض الانتاجية علاوة على التكاليف الاضافية للعلاج‮.‬ وانطلاقا من كون المرض النفسى والتغيب عن العمل وجهين لعملة واحدة انطلقت حملات توعية مكثفة برعاية حكومية الى جانب جمعيات خيرية للتخلص من الهموم النفسية والتمتع بصحة أفضل‮. ‬ ووفقا لاستطلاعات الرأى الحديثة فى بريطانيا،‮ ‬انخفض عدد الذين‮ ‬يرون ان تعرض الشخص لازمة نفسية‮ ‬يعوقه عن العمل،‮ ‬الى‮ ‬13‮ ‬٪‮ ‬مقارنة بـ‮ ‬21٪‮ ‬قبل خمس سنوات‮.‬ ومع مزيد من الصراحة فى هذه المسألة‮ ‬يتبين ان واحدا من كل خمسة فى سن العمل فى الدول الغنية‮ ‬يعانى من حالة نفسية مثل الاحباط أو الاكتئاب مرة سنويا‮.‬ ووفقا لتقديرات رسمية فان كل‮ ‬يورو‮ ‬يتم إنفاقه على برامج الدعم النفسى‮ ‬يوفر‮ ‬4‭.‬24‮ ‬يورو فى شكل زيادة انتاجية وخفض فى تكاليف التأمين الصحى‮. ‬ومن ثم كانت القضية ضمن اجندة حكومات فى انحاء العالم‮.‬ يذكر أن الأمر لفت انتباه الشركات منذ سنوات،‮ ‬ففى عام‮ ‬2010،‮ ‬ثلث الشركات التى تم استطلاع آرائها فى هذا الشأن خلال المنتدى الاقتصادى العالمى ذكرت ان لديها نوعا من برامج تقليل التوتر لموظفيها‮. ‬ومع انتشار الوعى بين مديرى الشركات والمسئولين الحكوميين تحولت هذه البرامج الى بيزنس جديد فى عالم المال والاعمال‮.‬ وقد ناقش تقرير لصحيفة‮ »‬الفاينانشال تايمز‮« ‬جدوى برامج‮ «‬تنبيه الذهن‮ « ‬فى اوساط الشركات من خلال محاولة التعرف على مدى توافق الفلسفة الاخلاقية مع مناخ الشركات‮.‬ وعلى سبيل المثال،‮ ‬موضوع‮ «‬تنبيه الذهن‮» ‬أو‮ ‬mindfulness‮ ‬كان مؤخرا‮» ‬محور محاضرة فى جامعة كرانفيلد البريطانية،‮ ‬التى شارك فيها اكاديميون واقتصاديون ومديرو شركات‮. ‬فلم‮ ‬يكن الحديث عن الاسواق الناشئة أو الديمقراطية وانما عن‮ «‬السلام الداخلى‮» ‬ونظام من شأنه ان‮ ‬يغير تماما مناخ الشركات،‮ ‬وهو برامج‮ «‬تنبيه الذهن‮».‬ والمقصود بتنبيه الذهن هنا تركيز الانتباه والصفاء الداخلى الذى‮ ‬يمكن الوصول اليه بطرق مختلفة‮. ‬وبسبب زيادة الضغوط والتوتر والاحباط تحول‮ «‬تنبيه الذهن‮» ‬الى علاج نفسى وبيزنس واعد فى عالم الشركات‮.‬ ‮ ‬ومن أبرز الشركات التى لديها برامج لتقليل التوتر والدعم النفسى للموظفين،‮ ‬شركات جوجل وسونى وآبل وإيكيا‮.‬ فبالطبع إذا كان أى تدخل‮ ‬يساعد على تخفيف التوتر وتقليل الآلام وعلاج الاكتئاب فإن الامر‮ ‬يستدعى الاهتمام‮. ‬والواقع انه عندما‮ ‬يزعم الموظفون استفادتهم من تلك البرامج،‮ ‬فانهم‮ ‬يشيرون الى عدة أمور،‮ ‬من بينها المرونة النفسية‮ (‬القدرة على التكيف‮) ‬وتعزيز الادراك والصمود،‮ ‬إضافة الى اتخاذ قرارات أفضل وتحسين الأداء الوظيفى وانخفاض معدلات التغيب عن العمل والقدرة على تعلم مهام جديدة‮.‬ ويتحدث خبراء عن دورها فى تنفيذ أهداف الشركات ويقول اكاديميون فى جامعة كرانفيلد ان‮ «‬تنبيه الذهن‮» ‬مناسب للشركات الراغبة فى تحقيق نمو مستدام لان قوة العمل التى تتمتع بسمة الصمود قادرة على بناء نشاط تجارى‮ ‬يواجه التحديات بمهارة أكبر‮. ‬ويقول خبراء على سبيل المثال ان برامج من نوع‮ «‬ساهاجا‮ ‬يوجا‮» ‬مفيدة للموظفين فى الشركات بصفة عامة‮.‬ ‮ ‬من ناحية أخرى‮ ‬يتساءل البعض عن جدوى برامج‮ «‬تنبيه الذهن‮» ‬التى قد‮ ‬يصل بعضها احيانا إلى‮ ‬2000‮ ‬جنيه استرلينى،‮ ‬مقابل الالتحاق بورشة عمل،‮ ‬على مدار‮ ‬يومين فقط‮.‬ ولكن البعض‮ ‬يرى علاقة بينها وبين تحسن سلوكيات الموظفين حيث انها تساعد فى إدارة الغضب والتخلص من المشاعر السلبية،‮ ‬بل انها تزيد من مستوى التعاطف والمشاركة الوجدانية مع الاخرين،‮ ‬وتزيد مناعة الجسم كذلك‮. ‬وهناك علاقة ايضا بينها وبين المسئولية الاجتماعية للشركات والموظفين بحسب دراسة لجامعة‮ «‬انسيد‮».‬ ويبقى السؤال عن مدى جدواها،‮ ‬فى عام‮ ‬2010‮ ‬تم اجراء ما‮ ‬يزيد على‮ ‬1000‮ ‬دراسة عن هذا الموضوع،‮ ‬تناولت معظمها الجوانب الطبية‮. ‬وبحسب دراسة لجامعة جولدسميث تبين انه‮ ‬يؤدى الى تحسين القدرات الذهنية ويخفض معدلات الغياب عن العمل وارتفاع مستوى الاداء الوظيفي‮.‬ من ناحية أخرى رأى تقرير الفاينانشال تايمز ان نتائج معظم الدراسات التى اجريت على مزايا برامج‮ «‬التنبيه الذهنى‮» ‬بالنسبة للشركات‮ ‬غير كافية أو‮ ‬غير حاسمة بالقدر الكافى لتبرير رسومها المرتفعة‮. ‬وذكر مثالا على ذلك ما تعلق بمجموعة من الطيارين الذين خضعوا لأحد البرامج الجديدة وكانت النتيجة جيدة بالنسبة لخفض التوتر والاحباط لديهم،‮ ‬ولكن الفكرة هى ان‮ ‬24٪‮ ‬فقط من‮ ‬400‮ ‬طيار هم الذين أتموا البرنامج‮.‬ حذر التقرير من المبالغة فى سرد مزايا برامج‮ «‬تنبيه الذهن‮» ‬والاعتقاد بأنها العلاج الفعال لجميع المشاكل النفسية،‮ ‬مشيرا الى انها لا تمنع الانتكاس فى‮ ‬40٪‮ ‬من حالات الاكتئاب،‮ ‬وانها أفضل من لا شىء فى‮ ‬25٪‮ ‬منها‮. ‬وخلص الى انها فى النهاية تساعد فى التكيف مع صعوبات الحياة اليومية‮.  ‬ //////////////////// ‬رؤية الأفكار وليس الحقائق أكدت دراسة حديثة أن إعمال العقل وتنبيه الذهن وتشجيع الناس على ممارسة ذلك عن طريق اتباع مبدأ كسب المزيد من الوعى حول أفكارنا الخاصة ومشاعرنا من خلال التأمل والتركيز على العالم من حولنا،‮ ‬يمنع المشاعر السلبية المسببة للاكتئاب‮.‬ الدراسة التى نشرت فى مجلة‮ «‬لانسيت‮»‬،‮ ‬كشفت عن أن الأشخاص الذين‮ ‬يعانون من الاكتئاب المتكرر طلب منهم المشاركة فى جلسات العلاج الجماعى القائم على تنبيه الذهن عن طريق التأمل فعُولجوا من الاكتئاب بعد عامين دون أى انتكاسات‮.‬ تناولت الدراسة مهارات التأمل،‮ ‬وذلك بهدف مساعدتهم على الاستجابة بشكل مختلف لأنماط التفكير السلبية التى‮ ‬يمكن أن تسبق نوبة من الاكتئاب والتركيز فقط على النواحى الايجابية‮.‬ شملت الدراسة‮ ‬424‮ ‬شخصا فى جنوب‮ ‬غرب انجلترا‮.. ‬نصفهم شاركوا فى جلسات الذهن التى تضمنت اليقظة على الوعى بأفكارنا الخاصة،‮ ‬ومشاعرنا،‮ ‬وإحساسنا،‮ ‬واستمر النصف الآخر فى تناول مضادات الاكتئاب على النحو المعتاد‮.‬ ‮ ‬الجدير بالذكر أن الاكتئاب هو مرض متكرر وبدون علاج نسبياً،‮ ‬وأوضحت التقديرات أن أربعة من أصل خمسة مرضى‮ ‬يصابون عادة بالانتكاس‮.‬ وأوضح،‮ ‬ويليم كيوكين،‮ ‬أستاذ علم النفس فى جامعة أكسفورد،‮ ‬والمؤلف الرئيسى للدراسة،‮ ‬أن العلاج المعتمد على التنبيه الذهنى المعرفى‮ ‬يمكن الشخص من رؤية الأفكار وليس الحقائق‮.‬

Similar Posts