تعريف صناعة السياحة

عرفها عدد كبير من الخبراء والباحثين والمهتمين بالسياحة، فتعددت هذه التعاريف وتناولت مفهوم السياحة تبعا لاختلاف وجهات النظر. وأول تعريف للسياحة جاء على يد الألماني “جوبير فرويلر Jobert Freuler” عام 1905م والذي اعتبرها “بأنها ظاهرة من ظواهر عصرنا تنبثق من الحاجة المتزايدة للراحة وإلى تغيير الهواء والإحساس بجمال الطبيعة، وإلى الشعور بالبهجة والمتعة من الإقامة في مناطق لها طبيعتها الخاصة، وأيضا إلى نمو الاتصالات على الأخص بين شعوب مختلفة من الجماعات الإنسانية وهي الاتصالات التي كانت ثمرة لاتساع نطاق التجارة والصناعة وثمرة تقدم وسائل النقل”.
وقد ركز هذا التعريف على الجوانب الإنسانية والنفسية أما الاقتصادي النمساوي “شوليرن” فقد عرفها بأنها “مجموع كل الظواهر ذات الطابع الاقتصادي التي تترتب على وصول المسافرين إلى منطقة ما أو دولة معينة وإقامتهم فيها ورحيلهم عنها وهي الظواهر التي ترتبط بالتبعية”، وهذا التعريف ركز على الجانب الاقتصادي بالدرجة الأولى، إلا انه ربط بين السياحة من ناحية والإقامة غير الدائمة وغير المرتبطة بأي سعي للربح المادي من ناحية أخرى.
كما نشر في نفس السنة مقالا “ايدموندبكارد” Edmond Picard وهو أستاذ بجامعة  بروكسل، تحث عنوان “صناعةالمسافر” وصف فيه مهمة السياحة ودورها كصناعة، بقوله “أنالمهمة التي تقوم بها السياحة والمدى الواسع التي تعمل فيه كل فروعها لا يتضح فقطمن وجهة نظر أولئك السائحين ولكن من الوجهة المالية أي من جهة الأموال الوفيرةالتي ينفقها السائح وينتفع بها أولئك الذين ينتقل إليها السائح ويتجول في بلدانهم وتكون الفائدة مباشرة لصناعة الفنادق وغير مباشرة عن طريق المصاريف التي ينفقها السائحلإشباع رغباته سواء من أجل التعليم أو المتعة”.
وفي 1935 قدم العالم السويسري جلاكسمان R.Glucksman تعريف السياحة على أنها “مجموعة من العلاقات المتبادلة التي تنشأ بين الشخص الذي يتواجد بصفة مؤقتة في مكان ما، وبين الأشخاص الذين يقيمون في هذا المكان”، وركز هذا التعريف فقط على العلاقات الإنسانية التي تنشأ بين السائح والسكان الأصلين.
وحسب “جون ميشو” وهو مسؤول في المجلس الأعلى للسياحة الفرنسي عرف السياحة بأنها “نشاط يحتوي على عمليتي إنتاج واستهلاك تحتم تنقلات خاصة بها خارج مقر الإقامة الأصلي ليلة على الأقل، حيث يكون السبب هو التسلية، التداوي، اجتماعات، زيارة المقدسات الدينية، تجمعات رياضية …إلخ”.
ومن العلماء العرب يعرفها “حسين كفافي” وهو باحث في الاقتصاد السياحي على أنها “حركة يؤديها الفرد أو مجموعة من الأفراد، بغرض الانتقال من مكان إلى آخر، لأسباب اجتماعية أو للترفيه أو لقضاء الإجازات    أو لحضور المؤتمرات أو المهرجانات، أو للعلاج والاستشفاء، ليس بغرض العمل والإقامة الدائمة ولا تدخل في السياحة الهجرة من بلد لآخر او حتى للعمل المؤقت، كذا أعضاء السلك الدبلوماسي”. ودقق هذا التعريف أكثر على أسباب التنقل السياحي.
لقد قامت حتى المنظمات الدولية والمؤتمرات الدولية العلمية للسياحة بجهود لإعطاء تعريف للسياحة فعلى سبيل المثال:
عرف مؤتمرالأممالمتحدةللسياحةوالسفرالدولي الذي انعقد في روما عام 1963 م بحيث قرر أن السياحة “هي ظاهرة اجتماعية وإنسانية تقوم على انتقال الفرد من مكان إقامته الدائمة إلى مكان آخر لفترة مؤقتة لا تقل عن أربع وعشرين ساعة ولا تزيد عن اثني عشر شهرا بهدف السياحة الترفيهية أو العلاجية أو التاريخية. وهي تنقسم إلى نوعين: سياحة خارجية وسياحة داخلية”.7 شمل هذا التعريف عدة جوانب، حيث نظر إلى السياحة على أنها ظاهرة اجتماعية وإنسانية، كما حدد مدة السياحة وميز بين السياحة الداخلية والخارجية، في حين أغفل عن الجانب الاقتصادي للسياحة.
ومؤتمرأوتاواللسياحة الذي انعقد بكندا في جوان 1991 م عرفها كما يلي: “هي الأنشطة التي يقوم بها الشخص المسافر إلى مكان خارج بيئته المعتادة لمدة أقل من فترة معينة من الزمن وأن لا يكون غرضه من السفر ممارسة نشاط يكتسب منه دخلا في المكان الذي يسافر إليه”.
وهذا التعريف ابعد السفر داخل مكان الإقامة   أو السفر لمدة قصيرة من الزمن، وان لا يكون السفر لغرض ممارسة نشاط يكتسب منه دخلا.
وعرفت الأكاديمية الدولية للسياحة أن “السياحة هي تعبير يطلق على رحلات الترفيه، أو هي مجموع الأنشطة الإنسانية المعبأة لتحقيق هذا النوع من الرحلات، وهي صناعة تتعاون على سد حاجيات السائح”.
هذا التعریف ربط السياحة بالرحلات والترفيه إلا أنه أعطى لها بعدا اقتصادیا واضحا إذ اعتبرها كصناعة تهدف إلى سد حاجات السائح.
نلاحظ من خلال هذه التعاريف أن هناك اختلاف واضح لتعاريف السياحة، وهو ناتج عن تطور دور السياحة في المجتمع جعل المنظمة العالمية للسياحة خلال اجتماعها المنعقد في مارس 1993 تضع تعريف خاص بالسياحة فعرفتها بأنها عبارة عن: ” نشاط فرد يسافر، ويستقر خارج مكان إقامته الأصلي لفترة لا تزيد عن العام، للترفيه   أو العمل التجاري، أو أي غرض من الأغراض التي تلبي رغبات الفرد واحتياجاته”.
وبناءا على مختلف التعاريف يمكننا القول بان السياحة هي نشاط إنساني يؤدي إلى خلق علاقات بين الإنسان وأخيه الإنسان في نفس المنطقة الجغرافية أو خارجها. ويتضمن التنقل والإقامة المؤقتة بتلك المناطق والتي يسعى من خلالها الزائر أو السائح إلى تلبية حاجاته ورغباته السياحية.
وانطلاقا من هذا التعريف فإن السياحة هي أكثر من صناعة خدماتية بل هي ترابط وتوافق معقد بين صناعات ونشاطات مختلفة تتوزع بين الإرث التاريخي، جمال الطبيعة، المناخ، عادات وتقاليد، الفنادق، النقل، الطعام، … وكل هذا الترابط مبني على العوامل الأساسية والتي هي الإنسان، الطبيعة والزمن. وهكذا فإن السياحة تؤثر وتتأثر بالمحيط الاجتماعي، الثقافي، الاقتصادي، السياسي، البيئي والتكنولوجي.
ويتضح لنا أننا نحتاج إلى وجود أشكال جديدة من الأبحاث المتعلقة بالسياحة من اجل فهم هذه الظاهرة التي لا يوجد تعرف محدد لها، حيث أنها تتطور بشكل مستمر وبعيدة كل البعد عن الجمود أو الثبات على شكل بعينه.

Similar Posts