تقرير: تراجع القروض الأوروبية إلى آسيا فرصة تمويلية مجزية للبنوك الخليجية

قال تقرير صادر من الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية المتخصصة في الاستثمار في الأسواق الآسيوية الناشئة بأنه وفي صيف 2012، كانت إحدى أكبر شركات الألمنيوم في العالم، شركة إيمال الإماراتية، تبحث عن التمويل لتبدأ في إنشاء المرحلة الثانية من أكبر مصهر للألمنيوم في العالم في أبوظبي، حيث كانت تكلفة المشروع 4 مليارات دولار، وكان من المتوقع أن تأتي نصف هذه التكلفة من البنوك التجارية. وكانت إيمال قد حصلت في عام 2008 على تمويل لمصهرها الأول الذي تبلغ قيمته 7.5 مليار دولار بشكل أساسي من القروض منخفضة التكاليف التي تقدمها البنوك التجارية، لكن هذا الاختيار لم يعد متاحاً لإيمال. فقد أصبحت التكلفة التي من المتوقع أن تدفعها إيمال للاقتراض تعادل ثلاثة أضعاف تكلفة الاقتراض في عام 2008. وعلى الرغم من ضخ البنوك المركزية للسيولة في الاقتصاد، كانت البنوك المركزية تتعامل وفق أسعار فائدة تبلغ 225 نقطة أساس، أي ما يزيد بنحو 70 نقطة أساس عند أسعار الفائدة قبل أربع سنوات، بحسب بلومبرغ. ومع نهاية فترة القرض البالغة 15 عاماً، سترتفع أسعار الفائدة لتصل إلى 300 نقطة أساس، وهو أكثر من ضعف سعر الفائدة الذي كان يبلغ 130 نقطة أساس حين تفاوضت عليه الشركة لإتمام المرحلة الأولى من المشروع. والسبب وراء هذا الارتفاع الحاد في التكاليف هو التغيّر الكبير في أوضاع البنوك الأوروبية ما بين عامي 2008 و2012. وبعد الانهيار المالي في عام 2008، تم تضييق اللوائح المصرفية، حيث أجبرت اتفاقيات بازل 3 البنوك على أن تفصح عن مستويات المخاطرة العالية المتعلقة بالعديد من أصولها. وفرضت البنوك المركزية الأوروبية قوانين أشد على بنوكها، مما نتج عن انخفاض كبير في مستوى القروض، وخصوصاً القروض التي تقدم للأسواق الناشئة. فقد أثّرت القوانين الجديدة على العديد من تجّار السلع الزراعية في أفريقيا وأمريكا الجنوبية، إلا أن الأثر كان أكبر على آسيا، التي عادة ما تحصل على التمويل من بنوك فرنسية واسبانية وبريطانية، وهي التي كانت الأكثر تأثراً بالقوانين الجديدة. ويبيّن الرسم البياني المرفق الذي أعدته الشركة الكويتية الاستثمارية انخفاض إجمالي القروض الأوروبية المقدمة إلى آسيا عقب الأزمة المالية وانهيار بنك ليمان، حيث انخفض مستوى القروض من 926 مليار دولار في بداية عام 2008 إلى 765 مليار دولار خلال عام واحد. ولم يتأثر التمويل الأمريكي ببازل 3، إلا أنه مصدر محدود للتمويل بالنسبة للشركات الآسوية. وفي عام 2008 بلغت القروض الأمريكية إلى القطاع الخاص الآسيوي 273 مليار دولار، أي أقل بنسبة 30% من القروض الأوروبية لآسيا. وقد ارتفع مجموع القروض التي تحصل عليها آسيا بمعدل 20% سنوياً في عامي 2009 و2010، ليصل المجموع إلى 1,200 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2011. ولكن مع تشريع أغلب البنوك المركزية حول العالم للقوانين الجديدة، بدأ هذا التوجه بالانعكاس، حيث انخفضت الديون الجديدة بمعدل 7% خلال أقل من عام، وشبه توقفت عن الإصدار منذ ذلك الحين. ومن المحتمل أن تستمر الأوضاع على ما هي عليه، مع بقاء كل من القطاع العام والخاص والمالي في أوروبا مثقلة بكميات كبيرة من الديون، كما هو الحال في كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان. وقد تأخذ فترة تقليص المديونية ما بين خمس إلى عشر سنوات، لن تتمكن خلالها البنوك الأوروبية من الإقراض بنفس النمط السابق. وقد قامت الشركات في آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي بأمرين للحصول على التمويل. فقامت أولاً بإصدار سندات بدلاً من القروض التي لم تعد تستطيع الحصول عليها. وبحسب صحيفة فاينانشال تايمز، “حصلت شركات الأسواق الناشئة من السندات على ثلاثة أضعاف التمويل الذي تحصل عليه من القروض البنكية، وهي أكبر فجوة في أحجام ومصادر التمويل منذ عشر سنوات على الأقل.” وثانياً توجهت هذه الشركات إلى البنوك التجارية الآسيوية والأمريكية للحصول على بدائل ومصادر أخرى للتمويل. فاستمر التمويل الأمريكي لآسيا بالنمو، ليعادل الآن 40% من إجمالي القروض الأوروبية، أي بارتفاع معدله 28% عن عام 2008. إلا أن الفراغ الذي يتركه انخفاض التمويل الأوروبي لآسيا يشكل فرصة استثمارية مجزية للدول التي تتمتع بفائض اعتيادي في الحساب الجاري مثل دول مجلس التعاون الخليجي. فمن الواضح أن دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع أن تستفيد من الفجوة التمويلية الموجودة حالياً في التمويل التجاري. فالتجارة الآسيوية كبيرة الحجم إجمالاً، وكما يبين الرسم البياني المرفق، بلغت الصادرات خلال العام الذي انتهى في مارس 2013 أكثر من 3.3 تريليون دولار، أي ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا. كما أن التجارة الآسيوية قد أثبتت مرونتها خلال الأزمة المالية، حيث كانت الصادرات الآسيوية تنمو بأكثر من 20% سنوياً في السنوات التي سبقت الأزمة، وبعد مرور عام من الانكماش في 2009، عادت للنمو مرة أخرى بمعدل 18% سنوياً وذلك منذ عام 2010. أي أنه في نفس الفترة التي تقلصت فيها الديون الأوروبية إلى آسيا بمعدل 5%، نمت الصادرات الآسيوية بمعدل 18%. ويشكل هذا الانخفاض في الائتمان بالنسبة لقطاع سؤيع النمو، فرصة للاستثمار ولتنويع المحافظ الائتمانية في مجلس التعاون الخليجي. فعلى عكس ما حدث بعد غزو نابليون وتراجع الروس في عام 1812 مخلفين وراءهم الأراضي المحروقة، تراجعت البنوك الأوروبية في عام 2012 مخلفة وراءها أرضاً خصبة بالفرص.

Similar Posts