جدوى للاستثمار: إنتاج النفط والغاز الصخريين قد لا ينمو بالحجم الذي يتوقعه المراقبون

أعلنت شركة جدوى للاستثمار، المصرف الاستثماري الإسلامي متعدد الأنشطة الذي يتخذ من الرياض مقراً له، اليوم عن صدور تقريرها بعنوان ” التوقعات المستقبلية لقطاع النفط والغاز غير التقليدي”. ويتناول التقرير الذي تم إعداده بناءً على عدد من الدراسات الفنيّة والأبحاث والتقارير المختصة بالقطاع، إلى جانب المواضيع الصحافية ذات الصلة، التأثير المحتمل لطفرة النفط الحجري والغاز الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية ومناطق أخرى في العالم، على قطاع الطاقة عالمياً، ومكانة المملكة العربية السعودية ضمن هذا القطاع على المدى الطويل.
لقد أسهم تطور التقنيات خلال الأعوام القليلة الماضية في تعزيز قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على الوصول إلى احتياطات غير تقليدية ضخمة من النفط والغاز، الأمر الذي مكنّها من تبوّء مراتب متقدمة بين منتجي النفط والغاز عالمياً، والحد من حجم واراداتها من تلك المنتجات. إلا أنه وعلى عكس التوقعات السابقة، أشارت جدوى للاستثمار في تقريرها ” التوقعات المستقبلية لقطاع النفط والغاز غير التقليدي”، إلى أن معدلات الإنتاج من هذه المصادر قد لا تنمو بالسرعة والحجم اللذان يتوقعهما العديد من المراقبين، وذلك نظراً لمحدودية معدلات إنتاج النفط من الطبقات الحجرية المحصورة، والانخفاض الحاد في وتيرة إنتاج آبار النفط الحجري والغاز الصخري، فضلاً عن تبدّد الجدوى الاقتصادية لعمليات الاستخراج من بعض الآبار الصخرية، نظراً لتدني أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، والناتج بدوره عن ارتفاع حجم المعروض بوتيرة متسارعة.
وأوضح الدكتور فهد التركي، رئيس قسم الأبحاث والدراسات في جدوى للاستثمار قائلاً: “إن الوقوف على أسباب ازدهار قطاع النفط الحجري والغاز الصخري في الولايات المتحدة عبر السنوات الأخيرة، يتطلب منّا إمعان النظر في آلية العرض والطلب الكليّة للنفط والغاز في الوقت الراهن والمستقبل.
ومن هنا، قام فريق الأبحاث لدى جدوى للاستثمار بإجراء دراسة متعمقة للبيانات والتقارير المتداولة في قطاع الطاقة، ليتوصل من خلالها إلى الاستنتاجات التي نضعها بين يدي القارئ في هذا التقرير، فتدارسنا العوامل المحرّكة لتطور أسواق النفط والغاز بشكل عام، والابتكارات التقنية التي كانت سبباً للتطورات الهائلة في قطاع النفط الحجري والغاز الصخري، وكيف ستؤثر هذه التطورات في حجم الطلب العالمي على النفط والغاز خلال السنوات الخمسة والعشرين المقبلة.”
وفي هذا الصدد أشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن حجم إنتاج الطاقة المحلي في الولايات المتحدة وصل خلال شهر نوفمبر الماضي إلى ما معدله 8 ملايين برميل من النفط يومياً. وكانت منظمة الأوبك (OPEC) قد أعلنت أن حجم الطلب على النفط الخام الذي تنتجه الدول الأعضاء في المنظمة، سيصل خلال العام المقبل إلى ما معدله 29.57 مليون برميل نفط يومياً، أي بانخفاض قدره 300 ألف برميل يومياً عن العام 2013. ويُعزى هذا الانخفاض في حجم إنتاج منظمة الأوبك إلى ارتفاع حجم إنتاج الدول غير الأعضاء في المنظمة، وفي الولايات المتحدة وكندا على وجه التحديد.
وأشار د. التركي: “نرى أن الأثر الفعلي للارتفاع في حجم إنتاج الولايات المتحدة للنفط الحجري والغاز الصخري، على المملكة العربية السعودية تحديداً، هو في تقليص التفاوت بين أسعار الخامات الثقيلة والخفيفة من جهة، مما قد يؤثر على آلية تكرير النفط في أوروبا. ومن جهة أخرى، قد تؤثر هذه الطفرة على قطاع الصناعات البتروكيماوية، نظراً لانخفاض تكلفة الغاز الطبيعي المسال الناتج عن عمليات استخراج النفط الحجري والغاز الصخري، والذي يُعد عنصراً أساسياً لهذه الصناعات.”
وهذا يعني بالتالي أن أرباح الصناعات البتروكيماوية في المملكة قد تتأثر سلباً بشكل نسبي نتيجة التكلفة المنخفضة للغاز الطبيعي المسال، الأمر الذي قد يشجع بعض الشركات السعودية العاملة في القطاع على التوسع بعملياتها في الولايات المتحدة، لكي تحقق أكبر قدر من الفائدة من توفر المواد الأساسية بتكلفة منخفضة.
واختتم التركي قائلاً: “يبقى الطلب المحلي المرتفع والمتنامي للمشتقات النفطية هو أبرز التحديات التي يواجهها القطاع بالمملكة، ويزداد هذا الوضع تعقيداً نظراً لانخفاض الأسعار في السوق المحلية، مما يؤثر على القرارات الاقتصادية الداخلية ويحدّ من حجم الدخل الناجم عن عمليات تصدير النفط السعودي.”
هذا وقد تطرّق التقرير إلى الدور الذي ستلعبه المصادر الأخرى غير التقليدية للنفط والغاز، بما في ذلك الآبار البحرية العميقة، والرمال النفطية، والنفط الثقيل، وأوضح التقرير كيف ستغدو هذه المصادر مجدية اقتصادياً في حال نضوب المصادر التقليدية وتطور التقنيات وارتفاع أسعار النفط.

Similar Posts