مستقبل قطاع البنوك في المنطقة يتجه لقفزة نوعية بفضل أحدث التقنيات البرمجية

اتفق خبراء ومسؤولون تنفيذيون على أن مستقبل البنوك في المنطقة بات مربوطاً بالتقنيات الحديثة كالحوسبة السحابية والحوسبة الذاكرية والحلول النقالة، في وقت توقعت فيه دراسة حديثة لشركة “سيلينت” أن يصل إنفاق البنوك على تقنية المعلومات خلال العام الجاري إلى نحو 180 مليار دولار. وأضاف الخبراء أن الخدمات المستندة إلى السحاب الإلكتروني لا تستحوذ حالياً إلا على جزء يسير من هذا الإنفاق، تشير بعض التقديرات إلى أن الإنفاق المتوقع من شركات الخدمات المالية على الحلول السحابية سواء كانت العامة أو الخاصة أو الهجينة، سيبلغ 26 مليار دولار في العام 2015.
وقد دعمت هذه الفكرةَ دراسة استطلاعية حديثة أخرى أعدتها “برايس ووترهاوس كوبرز” واستهدفت المديرين التنفيذيين في قطاع الخدمات المالية، إذ قال 71 بالمائة منهم إنهم سوف يزيدون استثماراتهم في الحوسبة السحابية هذا العام، بعد أن كان 18 بالمائة فقط من المستطلعة آراؤهم في دراسة العام الماضي 2012 قد قالوا الشيء نفسه. وإضافة إلى ذلك، قال نصف المشاركين في الدراسة إنهم يخططون للاستثمار في تقنيات السحابة الخاصة.
وأكّد روس وينرايت، الرئيس العالمي لقطاع الخدمات المالية لدى “إس إيه بي”، عملاقة برمجيات الأعمال العالمية، أن البنوك في المنطقة بحاجة إلى التعرف على الإمكانات الهائلة التي تتيحها التقنيات المبتكرة، مبيناً أن الضبابية التي تلفّ المعاملات والرقابة، والافتقار إلى المرونة، ونقاط الفشل المتعددة والبنى التحتية المعقدة، فضلاً عن التكاليف الكبيرة للصيانة والخبرة، أمور لا يمكن تجاهلها.
وجاء تصريح وينرايت في وقت بدأت فيه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تأخذ تقنيات الحوسبة السحابية بالاعتبار أكثر من أي وقت مضى. وتتوقع “غارتنر” أن تواجه المنطقة واحداً من أعلى معدلات النمو العالمية للخدمات السحابية العامة، بزيادة سنوية بين 2012 و2013 تبلغ نسبتها 24.5 بالمائة، لتصل إلى 462.3 مليون دولار. ومن المرجح أن تشهد سوق دولة الإمارات تحديداً نشاطاً ملحوظاً في هذا الصدد، في ضوء توقعات لشركة “آي دي سي” بأن تحقق الإمارات نمواً سنوياً مركباً قدره 43.7 بالمائة حتى العام 2016.
وتحدث اليوم وينرايت في لقاء صحفي خلال مؤتمر “سايبوس”، الذي بدأت فعالياته أمس الاثنين 16 سبتمبر في دبي، إلى جانب عدد من المؤسسات المالية الكُبرى مثل بنك الإمارات دبي الوطني، وبنك أبوظبي التجاري، وبنك طوكيو-متسوبيشي يو إف جيه، وبنك أمريكا ميريل لينش، وبنك سيتي دوتشيه، موضحاً أن الطلب على المزيد من الابتكار في قطاع الخدمات المالية دفع دفعاً قوياً إنشاء شبكة “إس إيه بي” للخدمات المالية، التي تربط العملاء من المؤسسات مع مزودي الخدمات المالية في السحابة، وأن أحد التحديات التي تواجه الخزائن المالية هي العلاقات المصرفية. كما أشار إلى أن شبكة “إس إيه بي” للخدمات المالية مدارة بالكامل على حلول الحوسبة الذاكرية القائمة على منصة “هانا” من إس أيه بي.
وأضاف وينرايت: “يحتاج مسؤولوا الخزينة في الشركات والمؤسسات إلى طرق أسرع وأبسط ليتواصلوا بها مع شركائهم من قطاع البنوك، الأمر الذي يتيح لهم رؤية شاملة وموسعة على الوضع المالي لمؤسساتهم، ونفاذاً دائماً إلى كافة معلوماتهم البنكية، ويتحقق هذا الأمر بسهولة من خلال تبني البنوك لتقنيات الحوسبة السحابية”.
واختتم وينرايت بالقول: “يمكن لخدمة واحدة من هذا النوع أن تحقق التواصل المنشود بين مسؤولي الخزينة في المؤسسات والبنوك التي يعملون معها. وتتيح هذه الخدمة إمكانيات كبيرة بما فيها مشاركة البيانات الخاصة بكل ما يتعلق بنظام المدفوعات، وحالة الدفعات، والبيانات البنكية، بالإضافة إلى أتمتتة عمليات التحصيل، والتسويات المالية، وتحديث نظام الأقساط، والتقارير المالية. فضلاً عن عدد من العمليات المالية الرئيسة الأخرى على منصة مشتركة. والأهم من ذلك كله أن هذه الخدمة يمكن أن تشكل بنفس الوقت منصة يمكن أن يُبنى عليها العديد من التطبيقات التحليلية التي تسخّر كل تلك البيانات والمعلومات في إعداد التقارير”.
ولطالما اتجهت الشركات، لحدّ الآن، إلى التعامل مع بنوكها عبر نقاط محددة، وهو وضع يخلق صوامع متعددة لحفظ المعلومات ويُصعّب الحصول على رؤية واحدة للمواقف المالية لتلك الشركات ومدى السيولة التي تتمتع بها في جميع المؤسسات المصرفية.
وتُشكّل شبكة “إس إيه بي” للخدمات المالية، التي تستضيفها “إس إيه بي” كمنتج عند الطلب، خدمة ربط بين الشركة والبنك على هيئة شبكة يتمكن الطرفان عبرها من تحقيق تواصل واضح. ويمكن لعملاء الشركات إصدار أذون بالمدفوعات والاستفسار عن حساباتهم باستخدام أدوات تحليلية فورية، في حين لا يتوقف استخدام البنوك لها عند تقديم التقارير في الوقت المناسب، وإنما يمتد أيضاً ليشمل، وفقاً لشركة “إس إيه بي”، تقديم خدمات إضافية كلما اكتشفت فرصاً لذلك من خلال تحليل المعاملات التي يجريها عملاؤها.
وتهدف شبكة أيضاً لتسهيل إدارة المعاملات الأساسية بين البنوك والشركات ومقدمي خدمات الخزينة المالية. ويتاح المجال، كجزء من تطوير الشبكة، أمام البنوك والشركات في أن تسهم إسهاماً متواصلاً بالخبرات والموارد من أجل وضع خريطة طريق حقيقية تساعد على تحقيق التكامل والربط والخدمة في القطاع المالي بين جميع الأطراف تحقيقاً كاملاً.
من جانبه، قال سامر الخراط، المدير التنفيذي لشركة “إس إيه بي” الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن العمل المصرفي يخضع لتحول هائل وسريع، مؤكداً أن مستقبله في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سوف يتأثر تأثراً كبيراً بقوة التقنية وسينقاد بها، وأضاف: “سوف نرى قوى السوق ومطالب العملاء تدفع البنوك على نحو متزايد لتضمين أعمالها التقنيات المتصلة بكل من السحابة، والأنظمة المتنقلة، والأنظمة التحليلية، والتطبيقات، وقواعد البيانات، فالمؤسسات التي تريد أن تقود وتبتكر وتحافظ على عملائها وتفتح أمامها فرصاً جديدة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي، سيما على خلفية الخطط التنموية الكبيرة التي تشهدها المنطقة”. واعتبر الخراط أن لا مفرّ من اتخاذ خطوات التغيير في هذا القطاع، معرباً عن فخره بالدور الريادي الذي تلعبه “إس إيه بي” في تحقيق ذلك كله.
ومن المنتظر أن يتعزز تقبل القطاع لحلول ثورية مثل شبكة “إس إيه بي” للخدمات المالية بفضل المكانة القوية والبارزة للشركة في قطاع الخدمات المالية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي حقيقة أكدها اليوم كل من بنك الإمارات دبي الوطني وبنك أبوظبي التجاري على هامش “سايبوس”.
من جانبه أوضح بنك الإمارات دبي الوطني كيف تحول إلى تقنيات “إس إيه بي” حين كان يبذل جهوداً حثيثة للتعامل مع تأثير النمو السريع في عملياته على قدرته على تجميع بيانات العملاء والمعاملات وتحليلها.
وتركزت جهود البنك على تطبيق برمجيات قاعدة بيانات قادرة على مواكبة التعقيدات المترتبة على النمو الكبير في حجم عمليات البنك، وتمكين المسؤولين عن تحليل البيانات من تفادي أي تأخير في استلام التقارير، بالإضافة إلى تقليص مصاريف تخزين البيانات التي اصبحت تُعد مشكلة حيث نمت قاعدة البيانات ليصل حجمها إلى 14 تيرابايت. وعقب تطبيق برمجيات “سايبيس آي كيو” من “أس ايه بي”، استطاع بنك الإمارات دبي الوطني من تخفيض الوقت اللازم لإجراء مسح اجتيازي للبيانات المُجمعة على مدى خمسة أعوام إلى دقيقتين فقط، كما استفاد البنك من خوارزمية الضغط التي تتميز بها برمجيات “أس ايه بي” لضغط بيانات بحجم 14 تيرابايت إلى 4 تيرابايت فقط، وتقليص عدد الخوادم من أربعة خوادم إلى خادم واحد فقط.
وقال فؤاد محمد، نائب رئيس قسم التطبيقات والتطوير لدى مجموعة الإمارات دبي الوطني: “زودتنا برمجيات “سايبيس آي كيو” من “أس ايه بي” بمزيد من زمن التوفر بالإضافة إلى السرعة والكفاءة في عملية اتخاذ القرار”.
وأضاف محمد: “ساعدنا هذا الأمر في زيادة التركيز على معرفة أفضل السبل لتلبية احتياجات عملائنا، بدلاً من بذل الجهد على تقنية إدارة البيانات، وقد بتنا نحسن الاستفادة من وظائف معلومات الأعمال ونقضي وقتاً أقل في انتظار نتائج الاستفسارات المعقدة، فبرمجيات “سايبيس آي كيو” تعني معالجة أسرع للبيانات ونفقات إدارية أقل. وبالنسبة لنا هذا يُعد نجاحاً كاملاً من حيث التكلفة الإجمالية للملكية”.
وبدوره، حرص بنك أبوظبي التجاري أيضاً على عرض الخطوط العريضة لتجربته الناجحة مع “إس إيه بي”، فقد نفذ البنك مجموعة من الحلول من شركة “أريبا”، وهي شركة تابعة لـ”إس إيه بي” تعمل على استضافة البرمجيات العاملة على الويب في السحابة لربط الموردين والمشترين عبر الإنترنت. ويدير البنك حالياً عمليات التوريد ضمن حل يقوم على “البرمجة كخدمة” تقدمه شركة “أريبا”، وهو حلّ يمكّنه من التعامل مع غالبية النفقات من خلال التفاوض عبر الإنترنت، بما يشمل فئات معقدة مثل الخدمات القانونية. ويقول البنك إن هذا الأمر قد أدى إلى تحقيق وفورات بملايين الدراهم.
كما يدير البنك عمليات الشراء والدفع ضمن حل يقوم على “البرمجة كخدمة” من “أريبا”، ما يساعده على البقاء مرناً وضمان الرقابة والامتثال بين البائعين والعقود واللوائح والمشترين والمؤسسات المالية. ويعني هذا الحلّ أنه يمكن توسيع الموارد لإدارة الموردين والعمليات والميزانيات والموافقات والمدفوعات إدارة حيوية نشطة على أساس عالمي.
وقال ماهر زبيب، رئيس قسم المشتريات لدى بنك أبوظبي التجاري: “حققت “إس إيه بي” فرقاً كبيراً في قدرتنا على تشغيل مهام حاسمة في السحابة، وقد استطعنا تحقيق وفورات كبيرة في الوقت والتكاليف حتى الآن، بالإضافة إلى مستويات أعلى من الفعالية والإنتاجية”.

Similar Posts