ملامح الثورة الصناعية الرابعة

عندما ألف «كلاوس شواب» المؤسس والرئيس التنفيذى لمنتدى الاقتصاد العالمى كتابه الشهير «الثورة الصناعية الرابعة» الصادر فى عام 2016 ألقى بذلك حجرا فى بحيرة راكدة منذ سنوات، بفعل اضطراب النظرة الاقتصادية إلى مستقبل الصناعة فى العالم، فى ظل تبخر العديد من الوظائف المحلية فى المجال الصناعى، وتراجع الاستثمار فى مختلف القطاعات الصناعية التقليدية كنتيجة طبيعية للعولمة، وما أفرزته من تلاشى الحدود، ورواج التجارة الدولية، وسهولة تدفقات رءوس الأموال.
الكتاب يلقى الضوء على الثورة التكنولوجية الرقمية التى يعيشها العالم اليوم، والتى تؤثر فى نمط معيشة سكان الكوكب وأساليب عملهم، ومن المجالات المهمة التى أراد المؤلف أن يبرزها، التطورات فى مجال الذكاء الصناعى والروبوتيكس، والنانو تكنولوجى، والتكنولوجيا الحيوية، والحوسبة الكمية quantum computing، وسلاسل الكتل blockchain، وانترنت الأشياء، وتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد.. وغيرها من تطورات تكنولوجية لها تداعياتها المؤثرة على مختلف الصناعات والخدمات.
يرى «شواب» من خلال مؤلفه أن العالم قد مر بثلاث ثورات صناعية قبل تلك الثورة الرابعة التى نعيش تفاصيلها حاليا ونترقب نتائجها مستقبلا، فالثورة الأولى كانت فى القرن الثامن عشر مع اختراع المحركات البخارية، واستخدامها فى الإنتاج الميكانيكى وتطوير وسائل النقل، والثانية واكبت التوسع فى استخدام الكهرباء ومبدأ تقسيم العمل الذى وضعه مؤسس علم الاقتصاد «آدم سميث» والذى جاء معه الإنتاج الكثيف، والثالثة نشأت فى منتصف القرن الماضى مع تطور مفهوم تكنولوجيا المعلومات وظهور الحاسب الآلى، واليوم نمر بثورة رابعة يتم فيها التحول إلى الرقمنة digitalization فى مختلف مجالات العمل والحياة. 

Similar Posts