من رحم المعاناة” … الشركات الناشئة في مصر”

غالبًا ما يرتبط تكوين الشركات الناشئة بالأفكار الجديدة والتكنولوجيا وبالشباب بصفة خاصة؛ لأنهم يستجيبون بسرعة للاتجاهات الاقتصادية الجديدة والتغيرات المستمرة في سوق العمل، فقد أصبح العمل الحر والشركات الناشئة مسارًا جديدًا للنمو وتنمية الموارد البشرية في آنٍ واحد [1] 
 
ويُعرّف ستيف بلانك[2] الشركات الناشئة بأنها “مؤسسة مؤقتة قابلة للتكرار والتطوير“أما موقع ستارت أب رنكينج startup ranking فيعرف الشركة الناشئة على أنها “مؤسسة ذات كفاءة عالية في الابتكار وقاعدة تكنولوجية قوية، بحيث تنمو بشكل مطرد لتحافظ على الاستقلالية بمرور الوقت، والحد الأقصى لعمر هذه المؤسسة هو 10 سنوات“.[3]
 
أهناك أمل فعلًا؟
 
بالرغم من أن مصر ما زالت حديثة العهد بالشركات الناشئة فهي تحل في المرتبة السابعة عشرة عالميًا من حيث عدد الشركات الناشئة الذي يبلغ 453 شركة ناشئة حسب التصنيف الأخير لموقع “ستارت أب رنكينج”، وبذلك تعتبر مصر الدولة الأولى عربيًا والثانية إفريقيًا بعد نيجيريا التي تأتي في المرتبة الرابعة عشرة  [4]  وهو ما ينبئ بتحول كبير للاقتصاد المصري مستقبلًا في حال توفر الدعم للتمويل المطلوب للشركات الناشئة المصرية.
 
تعتبر بيئة العمل الغير تقليدية والخالية من الروتين من أهم مميزات الشركات الناشئة، حيث تتسم هذه الشركات غالبًا بالديناميكية والترحيب بالأفكار الجديدة مما يفسح المجال لإطلاق الشباب مواهبهم والإبداع في عملهم. كما يتسم التواصل بين المدير وموظفيه بالمرونة العالية؛ فهو في الأغلب تواصل مباشر نظرًا لقلة عدد العاملين في بداية إنشاء الشركة. كما يكتسب الموظفون خبرة عملية كبيرة في وقت قصير بسبب تنوع المهام المطلوبة منهم. إيضافة إلى كل هذه المميزات فإن مرونة مكان العمل وأوقاته ففي بعض الشركات قد يتيح للموظفين العمل من المنزل.
 
شوك الورد
 
وبالرغم من المميزات السابقة وغيرها إلا أن هناك العديد من الصعوبات التي تواجه أصحاب الشركات الناشئة، ومنها:
 
صعوبة توقع الخطوات التالية الواجب اتخاذها لضمان استمرارية ونجاح المشروع. فالشركات الناشئة لا تتسم – على عكس الشركات التقليدية – بمراحل إنتاجية محددة. إضافة إلى ذلك، فإن نسبة كبيرة من الشركات الناشئة لا تستطيع  الحصول على التمويل اللازم للنمو والتوسع إضافة إلى عدم تأقلمها مع متطلبات السوق أو نتيجة لنقص المهارات اللازمة للإدارة أو لتسويق المنتج أو الخدمة التي تقدمها الشركة، الأمر الذي يقودها ذلك في النهاية إلى الفشل.
تركيز أصحاب الشركات الناشئة في البداية على الاستثمار الذاتي والمجهود الشخصي، حيث يعمل بعضهم بدون دخل خاص له حتى تتمكن الشركة من الخروج من مرحلة التأسيس بنجاح وتبدأ في تحقيق الربح أو حتى يستطيعوا إقناع أصحاب رؤوس الأموال بالاستثمارفي شركتهم.    
ويعتبر الحصول على التمويل من أكبر الصعوبات التي تواجهها الشركات الناشئة فى مصر، إلا أنه قد ظهرت مؤخرا العديد من منصات التمويل التي تربط بين الشركات الناشئة والمستثمرين مثل “ليد إنجلز Lead Angels” و “فلات 6 لابز  Flat6Labs” و “كايرو انجلز Cairo Angles”.
 
ورغم ذلك فقد نجحت العديد من الشركات الناشئة المصرية في الحصول على ثقة المستثمرين وإقناعهم بتمويل مشروعاتهم، كما حصلت بعض الشركات على تمويل من مؤسسات دولية كشركة  فيزيتا Vezeeta التي بدأت كفكرة عام 2012م، ثم نجحت في جمع  أكثر من 3.4 مليون  دولار من مستثمرين إقليميين كتمويل أولي.[5]
 
كما نجحت 13 شركة مصرية ناشئة بدخول  قائمة فوربس لأقوى 100 شركة عربية  لعام 2017. حيث تنوعت تخصصات هذه الشركات ما بين منصات الرعاية الطبية، ومواقع التوصل الاجتماعي، واكتشاف المواهب، وتنظيم الفعاليات المختلفة وغيرها.  
 
قائمة أقوى الشركات الناشئة المصرية لعام 2017 حسب تصنيف مجلة فوربس الشرق الأوسط      
وعلى الجانب الآخر فقد فشلت بعض الشركات في الاستمرار في السوق مثل:
 
“لو بلانيير Le Planneur”  التي أسست عام 2010  كمنصة تنظيم فعاليات وحفلات، إلا أنها فشلت في تنظيم أول عرض تقوم به. يقول مؤسسها إبراهيم محجوب: “استثمرنا كل أموالنا في نموذج عمل ليس من صنعنا نحن، كما لم تكن لدينا فكرة عما يدفع الناس للإقبال على خدماتنا، ولم تكن لدينا الخبرة أيضا”.  
تخصصت “هدمة Hedma” في مجال تصميم الأزياء من خلال دمج الثقافة المصرية مع اتجاهات الموضة الحديثة وبالرغم من تميز تصميمها آنذاك، إلا أنها اضطرت للإغلاق بعد أول موسم لها نتيجة المنافسة الشديدة مع الشركات الكبرى ذات الميزانيات الضخمة والخبرة الكبيرة التي تهمين على السوق، والتي لا تترك مجالًا للشركات الناشئة للاستحواذ على حصة من السوق. ويرجّع “كريم مدحت كمال” المؤسس المشارك لـ “Hedma” أسباب الفشل إلى أن المنتج المختلف ليس دائمًا هو الأفضل؛ فبعض تصميماتهم كانت مختلفة جدًا لدرجة أنها تحتاج إلى شرح حتى يتم فهمها. وبالإضافة إلى نقص التمويل الكافي وعدم دراسة السوق بشكل جيد فإن عدم التفرغ الكامل لإدارة مشروعهم بسبب انشغالات دراسية أو انشغالاتهم بمشاريع أخرى قد كان له أثر كبير في فشل الشركة.
وقد وقف نقص التمويل عائقًا أمام نمو شركة “بلوتو Pluto” التي كانت تهدف إلى توفير بيئة عمل فعالة ومبتكرة ومتعاونة لأصحاب المشاريع إضافة إلى توفير مكاتب خاصة للشركات الناشئة في مرحلة مبكرة. وقد قامت هذه الشركة أيضًا بتنفيذ أنشطة وأحداث ذات أهداف اجتماعية بغرض مساعدة الأفراد والشركات الناشئة.  لكن التمويل كان عائقا صعبا، فقد أطلقت الشركة حملة تمويل جماعي على المنصة اللبنانية Zoomaal بعد 10 أشهر من تأسيسها، ولكن هذه الحملة وصلت إلى 6٪ فقط من أهدافها، وفي ظل عدم وجود تمويل كاف تم اغلاق الشركة عام 2015. [6]              
يمكننا تلخيص أهم أسباب فشل الشركات الناشئة في “نقص التمويل” نتيجة لعدم رغبة المستثمرين فى الاستثمار فى المشروع، أو نقص  الخبرة، أو اختيار توقيت خاطئ لدخول السوق، أو عدم وجود طلب على المنتج في السوق المستهدف.

Similar Posts