نشأة النفط والأسباب الجيولوجية لغزارته في منطقة الشرق الأوسط

من المعروف لدى علماء الأرض أن جيولوجيا النفط هو جيولوجيا الأحواض الرسوبية. وانهدف الفكر التنقيبي عن النفط هو دائماً أفكار جديدة لأن بها لا ينضب العالم نفطاً. إذ قد نجد نفطاً في أماكن جديدة بأفكار قديمة، وقد نجده أحياناً في أماكن قديمة بأفكار جديدة، لكن نادراً ما نجده في أماكن قديمة بأفكار قديمة.
 
لقد حبا الله العرب بنعم كثيرة منهـا حقول نفطية عملاقة وغير عملاقة. ويعد حجم احتياطي النفط وحجم الحقل النفطي المنفرد وإنتاجية البئر الواحد في الوطن العربي من الظواهر المتميزة عالمياً. كما تتميز الحقول العربية بضحالة مكامنها وسهولة إستخراج محتوياتها النفطية وتسويقها.
 
كان أول اكتشاف للنفط في الوطن العربي في حقل نفط خانة عام (1909) بالقرب من خانقين في شمال العراق عند الحدود الإيرانية. الا أن الانتاج لم يبدأ فيه حتى عام (1925). ثم توالت الاكتشافات النفطية في بقية الأقطار العربية، وعلى النحو المبين في الجدول الآتي :
 
 
ت
البلد
العام
اسم الحقل
1
العراق
1907
نفط خانة
1927
كركوك
2
البحرين
1932
عوالي
3
السعودية
1938
دمام
4
الكويت
1938
برقان
5
مصر
1938
راس عقارب
6
سوريا
1939
جبسية
7
قطر
1940
دخان
8
المحايدة ما بين سعودية/ كويت
 
1953
الوفرة
9
الجزائر
1956
عجيلة/ حاسي مسعود
1957
جبل جريشا
10
ليبيا
1958
الظهر شرق
11
ابو ظبي
1958
أم الشيف بحرا
12
عمان
1962
يبال
13
تونس
1964
البرمه
14
دبي
1966
فاتح
15
الشارقة
1972
مبارك
 
هذا وقد كان أول اكتشاف نفطي في إيران عام 1908، وتحديداً في حقل مسجدي سليمان.
 
 
 
آلية نشأة النفط :
لا يعد النفط من الصخور الرسوبية رغم كونه عبارة عن مواد عضوية غنية بالكاربون ومتمركزة أساساً في الصخور الرملية والكاربوناتية. وعليه، فهو يدرس عادةً مع مجموعة الصخور الرسوبية الكاربوناتية. والنفط يتكون عبر سلسلة عمليات إنضاجية معقدة تمر بها المواد العضوية (الحيوانية والنباتية) المدفونة تحت الطبقات الرسوبية السميكة.
 
تتضمن العمليات الإنضاجية تحولاً بكتيرياً في البدء، ثم تعقبها لاحقاً، تحولاً حرارياً. فتتولد بنتيجة ذلك مواد عضوية معقدة ذات جزيئات كيميائية كبيرة غير قابلة للذوبان بالمذيبات العضوية تُعرف بالكيروجين (Kerogen). وتتعرض المواد الكيروجينية، المدفونة تحت طبقات رسوبية تتجاوز أسماكها حاجز الألف متر وتتراوح حرارتها ما بين (120 – 50) درجة مئوية، الى تكسر حراري تجزئ بعض جزيئاتها الكبيرة الى جزيئات صغيرة قابلة للذوبان بالمذيبات العضوية تُعرف بالبتيومين (Bitumen). وبإستمرار التكسر الحراري وتواصلها تتحول جزءاً من المواد البتيومينية الى النفط السائل المعروف بإسم النفط الخام (Crude oil). وتُعرف هذه العمليات، أي العمليات المولدة للنفط الخام عادةً بإسم (Catagenesis). وبتواصل عمليات التكسير الحراري لجزيئات النفط الخام، ولا سيما تحت المديات الحرارية المحصورة ما بين (200 – 150) درجة مئوية، يتحول جزء من النفط الخام الى الغاز الطبيعي كالميثان مثلاً.
 
نظراً لضغط ثقل الطبقات الرسوبية السميكة، ولقوى العصر التكتوني الهائلة المسلطة على قطرات النفط والغاز المتولدة ضمن مسامات الصخور الأم (Parent Rocks) المدفونة عميقاً، فإن تلك القطرات تحطم الجدران الفاصلة بينها وبين المسامات المجاورة الواقعة الى الجهة التي تقع تحت ضغط أقل نسبياً بسبب النحافة النسبية للتتابعات الرسوبية التي تعلوها. وبذلك تندفع محتويات المسام الأول لتزاحم محتويات المسام الثاني ليحطما بعد ذلك وبتلاحم ضغوطهما الجدار الآخر المقابل. وهكذا، تتواصل عمليات تحطيم الجدران المسامية بتتابع سريع لتحصل بالنتيجة جرياناً هيدروكاربونياً بإتجاه المسامات الواقعة تحت الضغوط الواطئة نسبياً أي بإتجاه طبقات الحافة الحوضية الأقل سمكاً. وتُعرف هذه العملية بالهجرة الأولية للنفط.
 
يبدأ النفط وقريناته من الغاز والماء هجرة أخرى وعبر ممرات مسامية تُعرف بالهجرة الثانوية. وقد تكون مسالك الهجرة الثانوية للنفط جانبية أو عمودية او مائلة مستهدفةً المواضع العالية تركيبياً. فتتراكم في نهاية المطاف في مصائد (Traps) مُعدّة سابقاً مثل هامات الطيات المحدبة (Anticline) أو المصائد الطبقية والهيدروديناميكية. وتُعرف صخور المصائد المسامية النفاذة بالصخور الخازنة (Reservoir Rocks). وهي صخور نفاذة يتجمع فيها الغاز في أعلى المصيدة والنفط في أوسطها، في حين تحتل المياه أجزائها السفلى، أي تتجلس كل منها تبعاً لكثافتها. ولا تكتمل مواصفات المصيدة النفطية الكفوءة إلا بتغطية الطبقات الخازنة وحبسها بطبقات غطائية (Cap Rocks) غير نفاذة كالترسبات الملحية والطينة المضغوطة.
 
 
أسباب غزارة النفط في منطقة الشرق الأوسط:
تماما كأقطاب الكرة الارضية الجغرافية والمغناطيسية فان للنفط أيضاً قطبين نفطيين. يتمركز احداهما في منطقة خليج المكسيك, في حين يتمركز الآخر, وهو الأعظم, في الشرق الاوسط, وتحديدا في منطقة الخليج العربي. وفيما يلي أبرز الأسباب الجيولوجية التي أدت  بمجموعها, وعبر الاحقاب الجيولوجية المتعاقبة, الى تمركز النفط في منطقة الشرق الأوسط:
 
 
أولاً:
يُعتقد ان تشكُل حوض متبخرات واسع في أواخر عصر ما قبل الكمبيري في منطقة الخليج العربي قد أدى إلى ترسيب تتابعات ضخمة من الصخور الملحية المعروفة حالياً بملح هرمز. ونتيجة لتحرك هذه الأملاح في بداية العصر الكريتاسي تشكلت قبباً وأنبعاجات ملحية ضخمة في المنطقة، ولا سيما على البر الإيراني ومياه الخليج العربي الحالية. وما الجزر المتناثرة في مياه الخليج (الطنب الكبرى والطنب الصغرى وأبو موسى وغيرها) إلا مظاهر تلك الانبعاجات الملحية. ولا يخفى للجيولوجيين العاملين في حقل الاستكشافات النفطية ما لمثل هذه القبب والانبعاجات الملحية من دور حاسم في صيد الهيدروكاربونات المتحركة وحبسها لحين العثور عليها.
 
ثانياً:
 وقوع عموم منطقة الشرق الاوسط, باستثناء منطقة الحجاز, تحت مياه الحافة الخاملة (Passive margin) لمحيط ضخم جداً, عُرف بحوض محيط تيثس, وبفترتيه القديمة والحديثة. مما نتج عنه غطاءً رسوبياً سميكاً جداًُ يقاس ببضع كيلومترات وامتدادات جغرافية واسعة تقاس بآلاف الكيلومترات. وكما ذكر في بند التمهيد فان جيولوجيا النفط هو جيولوجيا الحوض الرسوبي, سواءً من حيث نشأة النفط ام من حيث خزنه والاحتفاظ به على هيئة مكامن ومصائد نفطية.
 
 
ثالثاً:
التاريخ الطويل للعمليات الترسيبية الهادئة، أي بقاء منطقة الشرق الأوسط مستقرة تكتونياً لفترات جيولوجية طويلة وذلك بسبب وقوعها على الحافة الخاملة لمحيط تيثس المنقرض. وبالإمكان تقسيم البناء التكتوني لهذه المنطقة على ثلاث مراحل :
 
   أ. مرحلة الاستقرار التام (لحد العصر الثوروني): تميزت هذه المرحلة بالمرتفعات الإقليمية العريضة وبالبلوكات الصدعية المرفوعة بصورة مائلة(Lastirian Faults)، كما تميزت بالقبب الملحية النامية المرافقة للعمليات الترسيبية, والتي كانت بدورها تؤدي إلى ديمومة المنصة الترسيبية.
 
 ب. مرحلة النشاط الاوروجيني (ثوروني – ماستريختي): تميزت هذه المرحلة بتشكل المنخــفض الامـامي (Foredeep) على حافة محيط تـيـثـس الجنوبية الغربية, أي الحافة الخاملة.
 
 ج. مرحلة أستعادة الاستقرار للمنصة الرسوبية (ماستريختي – مايوسيني) لتفقدها مرة ثانية عند نهاية العصر الثلاثي عند تأثر المنطقة بطور الحركة الأوروجينية الالبية المكونة للتراكيب القببية الزاجروسية.
 
لقد نجم عن هدوء هذه الفترات الجيولوجية تراكم ترسبات بحرية عميقة غنية جداً ببقايا الاحياء البحرية الطافية المدفونة بمعزل عن الهواء. وتتصف مثل هذه الترسبات الحوضية بأنها مولدة للهيدروكاربونات في حالة كونها مترسبة خلال فترات التقدم البحري، وخازنة لها في حالة ترسبها أثناء فترات التراجع البحري. أما صخور الغطاء الحافظة للنفط فكانت تتشكل من المتبخرات فوق المدية والترسبات السجيلية (Shale) المترسبة خلال التراجع البحري.
 
 
رابعاً:
تراكم طبقات ضخمة من الترسبات البحرية في منطقة الشرق الأوسط، فهي من الضخامة بحيث يقاس سمكها بالكيلومترات، ليبلغ احياناً خمسة عشر كيلومتراً, ولا سيما في شمال شرق العراق. وقد بلغت أبعاد المنصة الرسوبية خلال دهر الحياة المتوسطة مثلاً حوالي (3000 – 2000) كيلومتراً عرضاً، وضعف هذه القيمة طولاً.
 
 
 
خامساً:
         انتشار التكوينات الصخرية الخازنة للهيدروكاربونات وشيوعها في عموم منطقة الشرق الأوسط. وهي عموماً تكوينات سميكة جدا وذات امتدادات جغرافية واسعة تتعدى احياناً حدود بعض دول المنطقة. كما انها تتسم بالخصائص البتروفيزيائية (المسامية والنفاذية) الجيدة جدا.
 
 
 
سادساً:
          الارتباط الوثيق للصخور المولدة للنفط والشائعة في المنطقة (وهي ترسبات بحرية غنية ببقايا الكائنات الطافية ومترسبة في بيئة شبه استوائية ذات حركة مياه مقيدة واختزالية) مع كلاً من الصخور المسامية الخازنة ذات الكفاءة العالية في الانطقة الرفية الواسعة وصخور الأغطية الكفوءة، سواءاً المتبخراتية منها (الجوراسية والمايوسينية العمر) أم الطينية والسجيلية.
 
 
سابعاً:
       وفرة التحدبات التركيبية الواسعة غير العادية في منطقة الشرق الاوسط. إذ تعد الأنغلاقات التركيبية ذات المساحة (1000 Km²) أو أكثر من الظواهر الشائعة في المنطقة. وتتصف هذه التراكيب عادة بميل طبقاتها الطفيف جداً وتدني درجة فقدان كفاءة صخور الغطاء فيها.
 
 
ثامناً:
       التوقيت المناسب للهجرة الأولية المبكرة للهيدروكاربونات إلى المصائد التركيبية والطبقية المنتشرة في المنطقة. إذ منع هذا التوقيت تواصل وتمادي العمليات التحويرية, ولا سيما عمليتي السمنتة وإعادة التبلور, وبالتالي بقاء المسامات الأصلية للصخور مفتوحة أمام القطرات النفطية القادمة.
 
 
تاسعاً:
          وصول الهيدروكاربونات المهاجرة إلى المصائد التركيبية أثناء أو بعد تشكلها وليس قبلها. إذ لو كانت الهجرة قد حصلت قبل تشكل المصائد لتاهت الهيدروكاربونات أو تشعبت مسالكها ولبقيت التراكيب المتكونة بعد حصول الهجرة النفطية خاوية الا من المياه الجوفية. وما المصائد التركيبية الخاوية في المنطقة الا أمثلة لمثل هذه الحالة.
 
 
عاشراً:
          شيوع ظاهرة تراكيب الطيات النامية (Growing folds) في منطقة الشرق الاوسط، سواءً بسبب اندفاع الطبقات الملحية السميكة المتموضعة في الأعماق السحيقة أم بسبب تواصل الحركات البنيوية الحديثة البطيئة البانية للجبال والناجمة عن استمرار انفتاح خندق البحر الأحمر, وبالتالي تواصل تصادم الدرع العربي بالدرعين الايراني والتركي. وظاهرة تنامي التراكيب بقدر ما تطور كفاءة المصائد التركيبية القديمة, فهي تضيف مصائد تركيبية جديدة للمنطقة من جهة أخرى. كما ان التراكيب التي تتصف بهذا النوع تُعد ذات أمكانيـات أعـلى لاصطيـاد الهيدروكاربونات وحبسها. ومن الجيولوجيين من يعد الطيات النامية  من أهم المصائد النفطية في المنطقة.
 
 
الحادي عشر:
غياب فترات النحت والتعرية الطويلة الأمد عن منطقة الشرق الاوسط. وقد نجم عن ذلك الغياب:
 
   أ. انعدام سطوح عدم التوافق الكبيرة في الترسبات الحاملة للنفط، وبالتالي عدم تسرب النفط الى خارج المناطق المتموجة.
 
 ب. احتفاظ الصخور الغطائية الحافظة للنفط على كفاءتها العالية في حبس الهيدروكاربونات.
 
 ج. عدم انكشاف المكامن النفطية على السطح أو بالقرب منها, وبالتالي عدم ضياعها او اتلافها.
 
 
الثاني عشر:
انعدام او شحة النشاطات النارية والتحولية والتكتونية الشديدة في المنطقة وإقتصارها على أنطقة الغوران التصادمية القصية المحدودة الإمتداد بموازاة سلسلتي جبال زاجروس وطوروس. وبذلك احتفظت المكامن النفطية بكيانها بعيدا عن الاتلاف والتدمير.
 
 
الثالث عشر:
 وفرة وشيوع السحنات الرسوبية الغنية عضوياً والناعمة حبيبياً والمدفونة سريعاً والناضجة حرارياً (أي الصخور المؤهلة لتوليد النفط) بجوار أو تحت التراكمات الرسوبية الرفيّة (الجيرية والرملية) العالية المسامية والنفاذية (أي الصخور المؤهلة لخزن النفط) والمغطاة بإحكام بأغطية المتبخرات الملحية والاطيان السجيلية الجيدة الكفاءة (أي الصخور المؤهلة لحبس النفط).
 
 
الرابع عشر:
      إختتام معظم الدورات الرسوبية في منطقة الشرق الأوسط, ولا سيما الرئيسة منها, بعلاقة طباقية تراجعية للبحر. بحيث ان ترسبات الأحواض الرفية وضمن الرفية , اي الصخور المولدة والخازنة للنفط المترسبة اثناء التقدم البحري تتغطى بالطبقات المتبخراتية الملحية المترسبة اثناء التراجع البحري.
 
 
الخامس عشر:
         اتسمت منطقة الشرق الاوسط بالنشاطات التكتونية المعتدلة الكافية لخلق مصائد نفطية ضخمة ذات مغالق تركيبية مناسبة وتهشمات صخرية داخلية فعالة. الا انها في نفس الوقت كانت عاجزة عن تدمير مسالك وممرات هجرة النفط أو التأثير في الأغطية الصخرية الملحية.
 
 
السادس عشر:
        الإتساع الأفقي للأحواض الرسوبية في منطقة الشرق الاوسط بصورة غير عادية جعل الهجرة الأفقية للنفط كفوءة للغاية.
 
          
السابع عشر:
 تشكل ترسبات العصر الرباعي (Quaternary) غطاءاً سطحياً محافظاً لترسبات نطاق ما بين النهرين في العراق والمتضمن اطول عمود رسوبي متكامل تقريباً في العالم لمختلف الدهور الجيولوجية. حيث يصل سمك هذا العمود الرسوبي في اجزائه الشمالية الشرقية الى أكثر من (15) كيلو متر. وقد ساعد هذا السمك الرسوبي الكبير على توليد وتجميع هيدروكاربونات غزيرة ضمن طبقاته المختلفة.
 
 
الثامن عشر:
         الضغوط الهائلة المسلطة بفعل ثقل تتابعات الصخور الرسوبية السميكة جدا ساهمت كثيراً في عمليات انضاج الهيدروكاربونات في الطبقات السفلى وتحررها (Catagenesis), وبالتالي هجرتها من أقاصي الأجزاء الشرقية والشمالية للدرع العربي (حيث السمك الأكبر والضغط الاعلى) باتجاه الغرب والجنوب الغربي (حيث السمك الأقل والضغط الاوطأ).
 
 
التاسع عشر:
          توقف عمليات الترسيب وتواصل عمليات التعرية وازديادها في معظم أنحاء حوض الشرق الأوسط الرسوبي بعد انسحاب مياه محيط تيثس عنه أوقف عامل الثقل الرسوبي عند حده تاركةً المجال للحركات البنيوية عموماً وللقوى التضاغطية الجانبية (Alpine) خصوصاً، لتواصل عملها ولغاية الوقت الحاضر في تحرير وهجرة الهيدروكاربونات إلى المكامن النفطية الراهنة.
 
 
العشرون:
            ان انفراد الحركات البنيوية دون عامل الثقل أدى إلى تسريع عمليات تقبب والتواء الطبقات الصخرية المكونة للمكامن والمصائد النفطية. وقد انعكست آثار تلك التقببات والالتواءات على اسطح منطقة الشرق الاوسط بدرجات متفاوتة الشدة وذلك منذ نهاية العصر الثلاثي والى الوقت الحالي. حيث كانت هذه الحركات على أشدها في منطقة الطيات العالية القريبة من مصدر القوى (نطاق التصادم), ولاسيما في أقصى شمال شرق العراق (امتدادات سلاسل جبال زاجروس) وشمال العراق (امتدادات سلاسل جبال طوروس) مما أدى إلى تكشف معظم مكامن هذه المنطقة وضياع محتواها الهيدروكاربوني في الهواء. وتحاذي هذه المنطقة في اجزائها الجنوبية والجنوبية الغربية نطاق الطيات الواطئة (المتموجة) البعيدة نسبيا عن مصدر القوى التصادمية, مما قللت من درجات تدمير المكامن النفطية. ومن الجدير بالاشارة, ان معظم المكامن النفطية العربية والايرانية تتمركز في هذا النطاق. واخيراً يأتي نطاق سهل وادي الرافدين في وسط وجنوب العراق, وامتداداتها في الجزيرة العربية، حيث القوى الجانبية كانت أقل شدة من سابقتيها لبعدها عن مصدر القوى، وبذلك لم تظهر الطيات فيها بصورة واضحة على سطح الأرض إلا على هيئة ارتفاعات طوبوغرافية بسيطة.
 
الخلاصة:
للايجاز نقوللم تكن لجميع تلك العوامل ان تتحقق وان تعمل مجتمعةً لتوليد وخزن كميات غزيرة غير اعتيادية من النفط لو لم تقعمنطقة الشرق الاوسط إجمالاً, ولا سيما الحافة الشمالية والشمالية الشرقية للدرع العربي، وطبقا للافكار الحديثة لنظرية تكتونية الصفيح، ضمن نطاق الحافة الخاملة (Passive margin). إذ يُعد مثل هذه الحافة نطاقاً مثالياً لتراكم الترسبات السميكة الصامدة الى حد كبير بوجه الحركات التدميرية المختلفة التي تتعرض لها الحافة التصادمية الاخرى (الحافة النشطة). فهي بذلك, وبسبب اتصافها بجميع الخصائص المذكورة في اعلاه, تعد البيئة المثالية لتوليد الهيدروكاربونات وخزنها, ومن ثم حبسها بصورة محكمة. ولا بد من الاشارة الى ان منطقة غرب نهر دجلة وحتى تخوم حوض الفرات تعد, وتبعاً للفكر الاستكشافي الحديث, حقولا نفطية واعدة لا تعوزها إلا الإرادة السياسية والعقل الجيولوجي النير.
 
           
 
 

Similar Posts