نهضة صناعية شاملة على غرار التجربة الصينية

تطور العلاقات الثنائية التاريخية بين مصر والصين وارتقائها الى مستوى ” الشراكة الاستراتيجية الشاملة ” يدفعنا للتطلع للاستفادة من تجربة الصين لتحقيق نهضة شاملة وخاصة فى مجال الصناعة للحاق بالثورة الصناعية الرابعة.
 
تطوير الصناعة الصينية تجربة رائعة تستحق الدراسة والاستفادة منها ، فالواقع كان شديد الصعوبة والتعقد ، ورغم ذلك استطاعت الصين تغيير الواقع وتحولت الى عملاق اقتصادى ضخم . ويمكن تعظيم الاستفادة من النهضة الصناعية الصينية من خلال التركيز على ثلاث محاور هامة : التعليم الفنى ، تطوير التكنولوجيا والتحول الرقمى ، ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة .
 
المحور الاول : التعليم الفنى
واذا مانظرنا الى النهضة الصناعية حققتها الصين سنجد ان الايدى العاملة الرخيصة فى بداية الانطلاقة التنموية شكلت احد اهم الاسس للنمو الاقتصادى اللاحق ولكن اهم مايميز الصين عن كثير من دول العالم التى تتوفر فيها الأيدى العاملة الرخيصة كالهند وباكستان ودول أمريكا اللاتينية وأفريقيا هو اهتمام الصين بالتعليم الفنى اهتمام شديد ، لذلك يتوفر فى الصين الايدى العاملة الرخيصة ولكن مؤهلة ومدربة تدريبا جيدا لاستعياب التكنولوجيا ومواكبة الحداثة ، حيث ساهم نظام التعليم الفنى وتطوره على مدى السنوات السابقة فى تزويد السوق بهذه الوفرة من الكفاءات .
ولتطوير الصناعة المصرية يجب الاهتمام بالتعليم الفنى والاستفادة من التجربة الصينية فى هذا المجال من خلال تبادل الخبرات فى تطوير المناهج الدراسية للتعليم الفنى ، تدريب المعلمين الفنيين ، وأقامة توأمة بين بعض مداراس التعليم الفنى بالبلدين.

المحور الثانى : تطوير التكنولوجيا والتحول الرقمى
تمكنت الصين من تنصيب نفسها زعيمة عالمية فى مجال التكنولوجيا والتحول الرقمى خاصة بعد استثمارتها الضخمة فى صناعة المركبات ذاتية القيادة ، والطباعة ثلاثية الأبعاد ، والذكاء الاصطناعى .ويرى الخبراء ان تزايد القدرة الفنية للشركات الصينية على تطوير التكنولوجيا والتحول الرقمى سيقفز بالصين الى مستوى جديد من القدرة التنافسية العالمية .
ولذلك اصبح التعاون المشترك فى هذا المجال مع الصين ضرورة قصوى لتطوير الصناعة المصرية من خلال الابحاث المشتركة والشراكات الثنائية وخاصة فى مجال تطبيقات التكنولوجيا الحديثة فى مجال الصناعة وادارة الجودة مثل الحوسبة السحابية ، والبيانات العملاقة والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات

المحور الثالث : دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة
دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة هو كلمة السر فى تطور الاقتصاد الصينى وتعتبر التجربة الصينية فى مجال إقامة وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وهي بمثابة نموذج يمكن أن يحتذى به من قبل كل الدول الراغبة في تنمية اقتصادها ، وكانت أول خطوة لتشجيع تنمية وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الصين هي وضع تعريف واضح ومحدد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومنح الإعفاءات من الضرائب والرسوم، ووضع القواعد والنظم التي تقوم الحكومة الصينية بموجبها بتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد بشكل أساسي على الدعم المباشر من الدولة، والذي يتجلى في توفير المساعدات الفنية والتمويلية والإدارية والتسويقية لهذها المشاريع، وحمايتها من الإفلاس بالسماح لها بالحصول على قروض بدون فوائد وبدون ضمانات.
ومن الضرورى البدء فى إنشاء بعض المؤسسات التمويلية بالشراكة مع الكيانات الاقتصادية الصينية لتوفير التمويل والدعم اللازم للمشاريع الصغيرة ،  تسهيل الحصول على قروض بنكية بشروط ميسرة، وإيجاد نظام ضمان القروض الممولة للمشاريع الصغيرة ،   تأمين الحكومة المصرية على المشاريع الصغيرة خوفا من مخاطر الإفلاس، حيث تقوم بتطبيق هذه السياسة مجموعة من المؤسسات المالية و التأمينية ، وإعداد برامج تدريبية إدارية وفنية خاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع الهيئات الصينية المتخصصة .

Similar Posts