هل ستخلق الروبوتات الوظائف أم ستدمرها؟

وفق إحدى الدراسات، عالم الاعمال تغير بسرعة خلال السنوات الأخيرة، وأشارت الى أن تأثيره يوازي ثلاثة آلاف ضعف تأثير أول ثورة صناعية.
فماذا يجري في الواقع؟ إليكم هذا الدرس المكثف عن الاعمال
– الروبوتات ستقضي على أكثر من خمسة ملايين وظيفة في أقوى اقتصاديات العالم.
– في أوروبا، أربعون في المئة من الاعمال تقريباً ستصبح رقمية… مع خطر على سكان قسمها الجنوبي،
– رجلا أعمال من أصل خمسة في دول مجموعة العشرين يقولان إنهما يجدان صعوبة في العثور على عمال ذوي كفاءات،
– أي في أوروبا حوالى 835 ألف وظيفة ستكون شاغرة بحلول عام 2020،
– ويعني التطور الرقمي أيضاً أنه قد تشهد حياتنا العملية بين 15 و20 وظيفة مختلفة.
في حلقة “ريل إيكونومي” أو “الاقتصاد الحقيقي” هذه، توجهنا الى منتدى بروكسل الاقتصادي حيث النقاش حول دور الأتمتة في تعاظم نمو الانتاج، لكنّ سؤالنا الحقيقي الذي أردنا طرحه هو هل ستتحسن أحوال الناس؟ وهل سنرى ركوداً في الرواتب أم انها ستتراجع كما حصل في المانيا حين أدخلت هذه التكنولوجيات؟
جيريمي ريفكين وهو رئيس مؤسسة “فانودايشون أو ايكونوميك تريندز” يرى أنه “مع كل تكنولوجيا، يمكن التعرف إن كانت منفعتها تطال من هم في أعلى السلم الاجتماعي أم في أسفله. على سبيل المثال، أول وثاني ثورة صناعية في القرنين التاسع عشر والعشرين صممتا لتكون كل منها مركزية ولها هيكليتُها. وتعمل بالطريقة نفسها أينما كانت في الاتحاد السوفياتي أم في أوروبا. لكن ما يثير الاهتمام في الثورة الصناعية الثالثة هو تصميمها القائم على اللامركزية أي التوزيع. لذا يمكن التحكم والاحتكار… الحكومات حاولت ذلك. حاولت مراقبة شركات انترنيت كبيرة مثل فيسبوك وتويتر وغوغل وامازون، لكن محاولة التحكم والمراقبة ستؤدي لخسارة انتاجيتها ولن يكون لديها تأثير شبكة يستثمر فيها الجميع”.
هل هكذا تفكر الشركات ايضاً؟
الزميلة سيثارامان تعود لطرح اسئلتها، وهذه المرة لنائب رئيس شركة أوبير ومديرها العام في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وافريقيا بيير-ديمتري غور-كوتي.
ورداً على سؤال حول الشركات المتخصصة بالعالم الرقمي ودورها في سد فجوة عدم المساواة في الرواتب، يرى غور-كوتي “لا اعتقد ان اوبير والتطبيقات الأخرى الشبيهة بها تتحكم بالمداخيل، لكننا نراقبها لان معظم السائقين يهتمون بها. في النهاية نحن منصة والناس أحرار في الاتصال بنا. وفي هذا السياق، يوجد تنافس قوي بين الشركات لجذب الناس على استخدام تطبيقاتها”.
لكن، لا يوافق كثيرون على طريقة التفكير هذه. الأمينة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال شاران بوراو ترى أن “التحول الرقمي يشبه سكة قطار تقودك للمستقبل… إنه يؤمن الفرص. إذا نظرتِ لما يحدث اليوم مع تقارب الشركات العادية والشركات الرقمية الكبيرة، على سبيل المثال آمازون التي تبيع منتجات شركات غذائية، وتبيع خدمات مالية، وخدمات قانونية… إنها حقاً متجر عالمي كبير جداً لا يمكن لمسه. بداية ذي بدء، إنها تعامل موظفيها كروبوتات والتشريعات لم تنظم بعد”.
هل الشعوب الفقيرة متخلفة عن الركب ومهمشة؟
في لقاء آخر مع مجموعة من المسؤولين طرحت زميلتنا سيثارامان أسئلة عدة. من بينها، كيف نتأكد من أن الشعوب الفقيرة في افريقيا وآسيا غير متخلفة عن الركب وغير مهمشة؟
فأجابت المديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام الدولية، ويني بيانييما “ما هو هام جداً هو أن الحكومات وجدت دورها وتستخدم آلياتها المتوفرة لتسخير التكنولوجيا لصالح الأغلبية وليس القلة. يجب ان تستثمر الحكومات في المجالات الرئيسية للتطور التكنولوجي كي تحافظ على وجودها وسيطرتها”.
ويضيف البروفسور روبرت غوردون من جامعة نورث ويسترن “لدينا روبوتات اليوم في الصناعة. أدخلناها تدريجياً في المستودعات. لكنها غير موجودة في مجال تجارة التجزئة والبناء والخدمات العامة والصحية والجامعات. في مجالات اقتصادية عديدة الروبوتات غير موجودة على الاطلاق. في حياتي اليومية، اتسلى بالبحث عن الروبوتات، فلا أراها. في متجري، يمكن أن ندفع لصناديق آلية، لكن هناك شخص دوماً للتأكد عدم وجود سرقة”.
إليكم الدرس المكثف الثاني حول التحول الرقمي وتأثيره مستقبلاً على الاعمال:
– خلال العقد الماضي، التحول الرقمي في أوروبا ساهم في زيادة عدد الوظائف في الميادين العلمية والإدارية والتقنية،
– لكنها ساهمت في خسارة الوظائف في البناء والزراعة…
– مستقبلاً، الموظفون الذين يقومون بأعمال روتينية وفيها تكرار سيخسرون وظائفهم لأن الروبوتات يمكنها القيام بها وستكون أكثر إنتاجية منهم،
– بينما الاعمال التي تحتاج للإبداع والمهارة والعلاقات بشرية واجتماعية لا يستطيع الروبوت تأمينها اليوم،
– لكن المهارات الرقمية للعاملين في هذه المجالات وعلاقاتهم ستساعدهم في العمل في مجال الصحة والتكنولوجيات، وهذه قطاعات ستؤمن بين ثماني وتسع في المئة من فرص العمل الجديدة بحلول عام 2030.
ما هي التغيرات الضرورية في التشريعات والنماذج الوظيفية
الزميلة سيثارامان تعود لطرح اسئلتها وخاصة منها المتعلقة بما يجب تغييره في التشريعات الأوروبية والنماذج الوظيفية للمؤسسات لخلق وظائف جديدة مستقبلاً،
وعن ذلك يقول غور-كوتي “اعتقد أن امرين هامين يجب حصولهما لتغيير مستقبل الاعمال. وهما: الحاجة للانتقال من عالم تكون فيه المنافع الاجتماعية مرتبطة برب العمل الى عالم ترتبط فيه هذه المنافع بالفرد، فإذا قررت العمل كسائق مع اوبير، والعمل في مكان آخر بنصف دوام، يمكننا جمع كل هذه الحقوق والمحافظة عليها مع تغيير مساري المهني. اما العنصر الاخر وهو هام، وهو التدريب طيلة الحياة. يجب إيجاد اشخاص مثل أولئك الذين يستخدمون تطبيق اوبير وتأهيلهم لإيجاد وظائف جديدة خلقتها الرقمنة”.
ويشير كريستو كارامان، الرئيس التنفيذي لشركة ترانسفيروايز، لتحويل الأموال الى أن “شباب اليوم يتعلمون في المدارس والجامعات لكن عليهم الاهتمام بالعلوم. يجب أن يتعلموا كيفية التشفير وخلقَ موادَ جديدة في المستقبل، وسيقومون برقمنة قسم من الاعمال الحالية ذات القيمة المنخفضة”.
اذاً كيف ننتقل من “ما يمكن القيام به الى ما يجب القيام به؟”
بوراو السكرتيرة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال ترى الى أنه ما يجب القيام به وما نحتاجه هو “عقد اجتماعي جديد. بعض عناصر هذا العقد الاجتماعي تم تخفيفها لكن يجب تأكيدها، حد أدنى للأجور أو عقد رعاية صحية مقبولة وبالطبع حماية اجتماعية. إننا نخلق مجتمعاً يعود للماضي ويؤسس للمستقبل. أعني، لا أحد يريد أن يعمل أولاده واحفاده في ظروف الثورة الصناعية أو في سلاسل التوريد الحالية لهذه الوظائف الجديدة على المنصات الرقمية. فهكذا تسير الأمور”.
أما ماركو بوتي المدير العام للشؤون الاقتصادية والمالية في المفوضية الأوروبية فيشير بدوره الى أن “ذلك يعتمد على السياسات التي نطبقها لتصحيح هذا التطور. السياسات يجب تطبيقها للسماح بانتقال هادئ بين الوظائف المتراجعة والفرص والفرص المتزايدة. العمل على المستوى الدراسي والتدريبي والتدريب الطويل الأمد، وإصلاح أسواق المنتجات والخدمات وليس فقط أسواق العمل، فهذا أمر ضروري جداً”.
ويعود ريفكين ليؤكد أن “التكنولوجيات وبناها التحتية ليست مجانية. لديها ثمن. وهذا ما يقودنا للشكل العالمي الجديد: وهو تحديد المواقع حيث القرى والمدن يمكنها التحرك وإظهار ردة فعلها افتراضياً وجسدياً، فكل ما يحتاج اليه سكانها هو الهاتف الخلوي النقال”.

Similar Posts