هل يمكن للحمض النووي DNA أن يكون وسائط تخزين للمعلومات في المستقبل؟

كل يوم يزداد حجم البيانات التي نقوم بإنتاجها، سواء أكانت صورا أم أصواتا وموسيقى أو مقاطع فيديو نرفعها إلى شبكة الانترنت، أو ربما تكون بيانات تحتوي نسخا احتياطية، لكنها جميعا تحتاج بالضرورة إلى وسائط لتخزينها، وهذه الوسائط في طريقها إلى النفاد
بحسب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT فإن الإنتاج الحالي للبيانات يبلغ زيتابايت واحد (مليون تيرابايت – أو مليار غيغابايت) كل سنة، وفي سنة 2025 سيصبح هذا الرقم متاخما لـ 160 زيتابايت في السنة، ولا يمكن للتقنيات الموجودة بين أيدينا حاليا أن توفر مساحة تخزين كافية لاستيعاب هذا الحجم الهائل من البيانات.
 
 
لهذا السبب يتوجه الباحثون إلى حلول بديلة، وهم يحاولون منذ سنوات استعمال وحدات تخزين حيوية كبديل عن التخزين على الأقراص المغناطيسية أو الضوئية، فالخلايا الحيّة تستعمل سلاسل الحمض النووي DNA لتشفير كمية كبيرة جدا من المعلومات ونقلها من جيل لآخر. وعلى سبيل المقارنة يمكن لخيط دي إن إيه واحد أن يتسع لما يتسع له قرصان مدمجان CD، وغرام واحد فقط منها قادر على حفظ زيتابايت بكامله، أي إجمالي إنتاج العالم السنوي الحالي من البيانات.
 
وبالفعل استطاع خبراء في مركز أبحاث تابع لشركة مايكروسوفت عرض أول نموذج حقيقي قادر على تخزين كمية غيغابايت كامل من البيانات الرقمية على خيوط من الحمض النووي وقراءتها مجددا، في تجربة مزجت التقنية الرقمية بالعلوم الحيوية، واستخدموا فيها أجهزة اعتيادية متوفرة في معظم مخابر الأبحاث المتعلقة بالجينات.
الحمض النووي الرقمي
يتألف خيط الحمض النووي (الحلزون المزدوج الشهير) الموجود في كل خلية من أجسامنا وأجسام معظم الأحياء الأخرى، من سلسلة من مئات الآلاف من الروابط الثنائية التي تشكلها أربع جزيئات مرصوفة هي: أدينين A والثيمين T والسيتوزين C والجوانين G، ويمكن لكل من تلك الجزيئات أن ترتبط مع الجزيء المقابل لها فقط وباتجاهين، لتشكل أربعة ثنائيات هي AT و TA و CG و GC مما يجعلها قادرة على تمثيل نصف بايت (البايت يتكون من ثمانية أرقام ثنائية كل منها واحد 1 أو صفر 0).
الباحثون في مختبر أبحاث مايكروسوفت قاموا بكتابة برنامج يأخذ على عاتقه تحويل البيانات الرقمية التقليدية إلى بيانات مكتوبة بلغة الدي إن إيه، ويقوم جهاز خاص بتركيب تلك الجزيئات بشكل مناسب على شكل سلاسل طويلة بينما تقوم مضخة صغيرة جدا بدفع السائل إلى قوارير تخزين لحفظها.
والقراءة تتم بشكل معاكس حيث تمر السلاسل خلال جهاز يقرأ ترتيب جزيئات الحمض النووي ويعيد تحويلها إلى بيانات رقمية. والسرعة الحالية لكتابة وقراءة سلاسل “دي إن أيه” ليست كافية أبدا لجعلها مناسبة للتخزين السريع، لكنها قريبا سوف توفر حلا بديلا للنسخ الاحتياطي وخاصة التخزين السحابي Cloud Storage.
يقول بعض الخبراء إن هذه الطريقة لن توفر مساحات هائلة الحجم للتخزين فحسب لكنها أقدر على مقاومة عوامل الزمن من سابقاتها، وخاصة منها الأقراص الصلبة والضوئية وبطاقات الذاكرة التقليدية والتي يقدر عمرها بعشرة أعوام فقط، وفي المقابل استطاعت بعض سلاسل الحمض النووي التي وجدت في بقايا فيل الماموث النجاة بعد أكثر من 50 ألف عام تحت طبقات الثلوج الكثيفة.
 

Similar Posts