استبعاد دخول العملة الإلكترونية للنظام النقدى المحلى

مع التطور الذى تشهده النقود الإلكترونية فى الداخل والخارج فقد ظهرت بعض المستجدات فى بعض الدول الغربية والتى كانت آخرها العملة الإلكترونية بيتكوين «Bit Coin » التى تعود لعام 2008، وتم طرحها للتداول لأول مرة فى عام 2009 تحت هدف تغيير النظام الاقتصادى العالمى.

يرى المصرفيون أن النقود الإلكترونية سترتفع حصتها من النظام النقدى المصرى فى الأجل الطويل لتحل محل النقود التقليدية، لافتين إلى دورها فى مساعدة وتنمية الاقتصاد وزيادة الرقابة عليه من خلال البنوك، وأشاروا إلى أن انتشار الكثير من الخدمات البنكية المتعلقة بالنقود الإلكترونية فقط مثل تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول، بجانب العمل على زيادة معدلات الأمان فى استخدامها من الأمور التى ستشجع الأفراد على التعامل مع البنوك والاعتماد على النقود الإلكترونية كبديل عن التقليدية.

واستبعدوا، فى الوقت نفسه، الاعتماد على العملة الإلكترونية «Bit Coin » داخل النظام النقدى المصرى، خاصة فى الوقت الراهن، مرجعين الأسباب إلى عدم وجود بنك أو جهة تشرف على تنظيمها والرقابة عليها، بجانب التخوف من استخدامها فى عمليات غير مشروعة، موضحين أن الأمر يحتاج إلى الكثير من الوقت للتأكد من مدى نجاحها فى الخارج ومدى الانتشار الذى تتمتع به.

وتختلف عملة «بيتكوين» عن العملات التقليدية فى أنها لا تمتلك شكلاً مادياً ولكنها تعتبر عملة إلكترونية يتم تداولها عبر الإنترنت، بالإضافة إلى عدم وجود هيئة تنظيمية تقف خلفها وتراقب عليها بشكل يسمح للتعامل بشكل مباشر بين الأطراف دون وجود وساطة أو رسوم على التحويل، ويسمح للمستخدمين لها بتحويلها إلى العملات التقليدية، فمن خلال الموقع الإلكترونى «Dwolla » يقوم المستخدم بالتحويل إلى الدولار الأمريكى.

ورغم اعتراف ألمانيا بالعملة الإلكترونية لتفرض الضرائب على أرباح الشركات المتعاملة بها مع إعفاء المعاملات الفردية، علاوة على إصدار حكم من قاض فيدرالى فى الولايات المتحدة الأمريكية ينص على اعتبار «بيتكوين» نوعاً من أنواع النقد ويمكن أن تخضع للتنظيم الحكومى، فإن هناك الكثير من التساؤلات لعل من أهمها مدى التحدى الذى تمثله تلك العملة أمام العملات والقيم المالية التقليدية، وهل يمكن الاستعانة بها فى النظام النقدى المصرى خاصة مع توقع الخبراء فى الخارج اتجاه البنوك الأجنبية لاستخدامها وفتح حسابات بنكية وإصدار بطاقات الائتمان بها، بالإضافة إلى توقع حصة النقود الإلكترونية بشكل عام من النظام النقدى المصرى فى المستقبل.

وتشتمل النقود الإلكترونية على البطاقات البلاستيكية والتحويلات عبر الهاتف المحمول بجانب خدمات الإنترنت بانكنج وغيرها.

وقال علاء فاروق، مسئول التسويق والإنترنت «بانكنج» ونقاط البيع وماكينات الصرف بالبنك الأهلى، إنه من الصعب التنبؤ بنسبة مشاركة النقود الإلكترونية فى النظام النقدى مستقبلاً، لكن من المؤكد أنها ستحل محل نظيرتها التقليدية فى الأجل الطويل وستشجع الأفراد الذين لديهم تحفظات على التعامل مع البنوك.

وأضاف أن البنك الأهلى يعمل بجهد كبير من أجل زيادة نسبة النقود الإلكترونية وتشجيع الأفراد على التعامل بها من خلال العديد من الأدوات، ومن بينها زيادة معدلات الأمان فى استخدام البطاقات البلاستيكية والدفع بعدد كبير من البطاقات الذكية بدلاً من الممغنطة والمتمثلة فى بطاقات «ماستر كارد» المصحوبة بالـ«Security Code »، بجانب بطاقات فيزا والمؤمنة عن طريق رمز الـ«VBV ».

وأشار إلى جهود البنك فى تقديم المنتجات الجديدة المتعلقة بمجال النقود الإلكترونية، مستدلاً بمحفظة المصرف مع شركة الاتصالات والخاصة بتحويل الأموال عبر الموبايل بجانب خدمة «Phone Cash »، مضيفاً أن تلك الجهود سترفع معدلات الأمان للعملاء، خاصة فى ظل حالة عدم الاستقرار الأمنى التى تشهدها الدولة.

وأكد أن وجود الكثير من الخدمات التى تسمح باستخدام النقود الإلكترونية أمر يساعد على زيادة انتشارها وتقليص الاعتماد على نظيرتها التقليدية مثل خدمات «الإنترنت بانكنج»، بجانب تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول، لافتاً إلى أن ارتفاع نسبة النقود الإلكترونية فى النظام النقدى سيساعد الاقتصاد على الدوران فى قنوات شرعية كنتيجة لمراقبة البنوك على تحركات الأموال بدرجة أكبر.

واستبعد محسن رشاد، مدير القطاع الدولى وعلاقات المراسلين ببنك العربى الأفريقى، قبول العملة الإلكترونية «بيتكوين» داخل النظام النقدى المصرى، مرجعاً السبب إلى أن أى عملة لها قوة القانون فى استخدامها فى المعاملات التجارية والاقتصادية يجب أن تخضع لتنظيم السلطة النقدية فى عملية إصدارها والرقابة عليها، مع تقييمها بناء على الأصل الذى يعتمد عليه إصدار العملة والذى يتنوع من الذهب والناتج الاقتصادى والقيمة المضافة وغيرها.

وأضاف أنه بعد انهيار نظام أسعار الصرف المبنى على الذهب والذى يتم تحديد قيمة العملة فيه مقابل الذهب فيتم إعطاء الحق لحامل العملة لاستبدالها بذلك المعدن، تم استبدال ذلك النظام بأسعار الصرف المبنية على القوة الشرائية والتى يتم فيها قياس كمية السلع والخدمات التى يمكن شراؤها عن طريق تلك العملة مقابل العملات الرئيسية الأخرى كالدولار واليورو.

وقال نبيل حشاد، الخبير المصرفى والاقتصادى، إن النقود الإلكترونية ظهرت منذ فترة كبيرة فى الدول المتقدمة مع توقع الكثير من الأطراف تحقيق معدل نمو فى استخدامها يصل إلى %20، وأن تحتل مكانة العملات التقليدية، وهو الفرض الذى لم يحدث حتى الوقت الراهن، كنتيجة لارتفاع المخاطر الناتجة عن استخدامها بدرجة أكبر من الفوائد التى يتم الحصول عليها مما قلص من حجم الطلب على تلك العملات.

وأشار إلى أنه ليست كل النقود الإلكترونية تتميز بالسلامة، موضحاً أن عملة «بيتكوين» من الصعب الاعتماد عليها ولا يمكن استخدامها فى النظام النقدى المصرى، كنتيجة لعدم وجود بنك مسئول عن عملية إصدارها والمراقبة عليها، كما أن هناك بعض الأطراف تعمل على توظيفها فى أشياء غير مشروعة.

وأوضح أن تحديد الجهة المسئولة عن إصدار العملة وإدارتها يسهل من عملية التقويم وحساب الجهة المسئولة فى حال حدوث مشاكل اقتصادية، لافتاً إلى أنه فى حال زيادة المعروض النقدى من عملة ما على مقدار المطلوب منها، يؤدى ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم فى الدولة صاحبة العملة، وعندما يحدث العكس فإن الأمر ينتهى بانتشار حالة من الكساد والانكماش وهو ما يقلل من احتمالية الاعتماد على عملة «بيتكوين».

وأكد أن الفترة الراهنة تحتاج إلى التركيز فقط على تدعيم الاستقرار الاقتصادى والسياسى فى الدولة والابتعاد عن الدخول فى أمور لا نعرف النتائج المحتملة لها، فى إشارة منه إلى أنه من الصعب استخدام عملة «بيتكوين» فى الوقت الراهن داخل الاقتصاد المصرى حتى إن كانت جيدة.

ولفت تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، إلى وجود آراء متعارضة بشأن العملة الإلكترونية «بيتكوين»، وقال: فى الوقت الذى يدعمها البعض بسبب الحاجة للاعتماد على عملة واحدة فقط عبر دول العالم لتختفى العملات الأخرى، فإن هناك أطرافاً أخرى تتخوف من استخدامها فى عمليات غير مشروعة بسبب عدم القدرة على السيطرة عليها وإخضاعها للمراقبة.

وقال إنه من الصعب الاعتماد على تلك العملة واستخدامها فى جميع أنواع العمليات داخل مصر، فالأمر يحتاج إلى كثير من الوقت للتأكد من نجاحها أولاً فى الدول الخارجية، ومدى الانتشار التى تتمتع به، مستدلاً بالمشتقات وعقود الخيارات التى ظهرت فى عقد السبعينيات من القرن الماضى فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن بدأ الحديث عنها فى التسعينيات من القرن الماضى.

Similar Posts