الحب في التاريخ

 الحب هو السعادة، أو هو أقرب شيء إلى السعادة، وفيه تتبلور أخلاقنا، وتبدو في جوهرها الأصيل، وهو؛ أي الحب، يربينا ويستنبط منا أسمى ما في أخلاقنا؛ ولذلك حين نروي قصة عن الحب إنما نروي أيضًا أحسن ما في الطبيعة البشرية من خلال تحملنا جميعًا على الإعجاب وعلى الإحساس بالسعادة.. إنها رؤية الكاتب والمفكر سلامة موسى في كتابه ” الحب في التاريخ ” والذي صدر في طبعة جديدة عن ( وكالة الصحافة العربية – ناشرون ) ، حيث يؤكد المفكر القدير ” أن للإنسان غريزة جنسية إذا تنبهت احتدت فاستحالت إلى عاطفة، فشهوة، فاندفاع قوي لا يكاد الإنسان يدري ما هو فاعل فيه.ولكنَّ للإنسان أيضًا عقلًا إذا تنبه لم يحتد، ولكنه يتأمل في أناة وتبصر، فيستحيل إلى وجدان يدري الإنسان ما هو فاعل فيه” .وكلنا سواء في الغريزة، بل نحن والحيوان سواء فيها، ولكننا نتفاضل في الحب الوجداني الذي ينشأ عن التعقل والتبصر، فندري ما نحن بسبيله من التقرب للجنس الآخر، ونقدر الصفات ونزن الفضائل.ويرى أن الحب الغريزي هو حب العاطفة، حب الشهوة والنظرة الأولى، وهو بعيد عن الحب الوجداني، الذي يزن ويقدر ويعرف القيم البشرية العالية.وفي رأي المؤلف أن الناس ليسوا سواء في القدرة على الحب، وليسوا سواء في القدرة على السعادة؛ لأن كليهما – الحب والسعادة – يتوقفان على مقدار ما عندنا من وجدان؛ أي تعقل، وعلى مقدار ما أحببنا أمهاتنا، وعلى مقدار ما كان عند أمهاتنا من صفات سامية.وهناك فرق في الحب بين الرجل والمرأة؛ فإن حب الرجل يكاد يقتصر على المرأة؛ أي على زوجته، وحبه للأطفال ضعيف مشتت مبعثر؛ إذ هو مشغول بالكسب مختلط بالمجتمع أكثر من المرأة. لكن حب المرأة يختلط بأبنائها؛ ولذلك فإن الأمومة جزء خطير من الحب النسوي.وهناك مقولة تقول “الرجل يشبه زوجته” ربما يكون السبب هو أنه قد انغرست فيه قيم الجمال منذ طفولته، وكأن الأنموذج الذي رسم عليه، وأخذ عنه هذه القيم، هو أمه. ولما كان هو يشبه أمه بحكم الوراثة إلى حد بعيد، ثم لأنه عندما يتزوج يختار فتاة تشبه أمه، فإننا نجد الاثنين بعد الزواج متشابهين كأنهما شقيقان.وهناك رأي شائع، وهو أننا نختار من الجنس الآخر من تناقضنا، كأنها بهذه المناقضة نكمل النقص الذي عندنا، ولكن نظرة عابرة شاملة للأزواج توضح لنا خطأ هذا الرأي؛ ففي تسعين في المائة من الحالات نحن نختار تلك الفتاة التي تشابهنا. وكذلك الشأن في الفتاة عندما تختار الشاب، فإنه يجب أن يشبه أباها وأمها معًا؛ وذلك لأن هذا الأب هو البطل الذي نشأت على رؤيته في البيت، وهو السيد المطاع، وقد قيل «كل فتاة بأبيها معجبة»، وليس هذا المثل عبثًا.

Similar Posts