تراجع النمو الاقتصادي الصيني ينعكس فورا على الاقتصاد العالمي

لندن, (ا ف ب) – يحمل تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني الذي تسارعت وتيرته اخيرا، تاثيرا شبيها بكرة الثلج على باقي دول العالم التي باتت تتساءل عما اذا كانت بكين ستنجح في التحول الى نمو متوازن. والدليل الجديد على فقدان الاقتصاد الصيني قوته، هو ان نمو اجمالي الناتج الداخلي للعملاق الاسيوي انخفض الى 7,5 بالمئة في الفصل الثاني مقابل 7,7 بالمئة في الفصل الاول، بحسب احصاءات نشرت الاثنين واثارت شكوكا في التمكن من تحقيق هدف النمو السنوي 7,5%. وعلى الرغم من ان البورصات التي باتت تتابع الاحصاءات الصينيةعن كثب كما تفعل حيال الاحصاءات الاميركية، تنفست في مجملها الصعداء بعد نشر هذا الرقم المطابق للتوقعات، فان التباطؤ الصيني ما زال يدعو الى القلق. ذلك ان رد الفعل الايجابي للاسواق لا يشير من جهة اخرى الا الى “الرؤية التشاؤمية التي يشعر بها المستثمرون حيال الصين حاليا”، كما يرى غريغ ارلام المحلل لدى مؤسسة +ألباري+. لان الكثيرين من مزودي النفط والصلب او النحاس للشركات المصنعة للسيارات او الالات والاجهزة يرون ان العملاق الاسيوي الذي يمثل من جهة اخرى “مصنع” العالم، هو احد ابرز محركي النمو في الدول المتقدمة والناشئة على حد سواء. وعلق اسحق صديقي المحلل لدى مؤسسة “اي تي اكس كابيتال” لوكالة فرانس برس ان “تباطؤ (النمو) في الصين له تاثير متنام على الامم المجاورة في اسيا (…) لان انخفاض الطلب الصيني ولا سيما على المواد الاولية، لا يلقي بثقله على الاقتصاديات الناشئة وحسب وانما ايضا على الاقتصاديات الناضجة مثل استراليا”. واعتبر ايضا ان التباطؤ الاقتصادي يعني تراجع الاستثمار المباشر الصيني في الخارج وهو ما يترك انعكاسات في تايوان وفي الدول المتقدمة على حد سواء. من جهته لفت اندرياس ريس من بنك يونيكريديت الايطالي الذي ياخذ خصوصا كمثال المانيا ، اكبر مصدر للالات-الادوات او السيارات الى الصين، الى ان “التباطؤ في الصين لا يؤثر على الشركات الالمانية بطريقة ثنائية وحسب وانما ايضا له +تاثير+ الدومينو”. ويرى الخبير الاقتصادي ان “الصادرات من عدد من الدول قد تتراجع بشكل كبير الامر الذي سيرتد على الاقتصاد الالماني”. ومع نشر توقعاته الاقتصادية العالمية الاسبوع الماضي، حذر صندوق النقد الدولي من الخطر “المتزايد” الذي يمثله التراجع في الدول الناشئة الكبرى مثل الصين، على الانتعاش الاقتصادي العالمي. واذا كان من البديهي ان الصين لا تستطيع الاستمرار في النمو بهذ المعدل لسنوات طويلة من دون ان يكون لذلك تاثيرا سلبيا على الاقتصاد العالمي كله، فان العالم يريد الان معرفة ما اذا كانت بكين ستنجح في بناء نمو متوازن. لانه يبدو “امام تضخم مرتفع بشكل طفيف فان الحكومة التي ترغب ايضا في وقف النظام المصرفي الموازي، لا تبدو راغبة في الرد على التهديد المتمثل في نمو اكثر ضعفا، عبر اجراءات دعم مكثفة”. والقيادة الصينية الجديدة تعرب بالفعل عن الرغبة في التركيز على الاستهلاك الداخلي اكثر من الصادرات والاستثمارات، المحركات الحالية للنمو الصيني. واعتبر المحلل اسحق صديقي ان “الصين انفقت الكثير من الاموال في البنى التحتية غير المنتجة التي لم تستخدم كثيرا وحان الوقت الان ان يحد البلد من نفقاته المفرطة ويحاول دفع الاقتصاد مجددا على اسس اكثر صلابة وعن طريق التركيز على الاستهلاك اكثر منه على الاستثمار”، وراى ان هذا التباطؤ في النمو الصيني اصبح “ضروريا” بالتالي. لانه “طالما بقي الاستثمار المحرك الرئيسي، سيستمر تفاقم الخلل في التوازن (الاقتصادي)”، كما قال الخبراء الاقتصاديون في مؤسسة كابيتال ايكونوميسك. لكن ذلك “سيكون طريقا طويلا محفوفا بالعراقيل التي تتضمن مخاطر جوهرية على المدى البعيد ومشاكل دورية مؤلمة على المدى القصير”، كما حذر الخبراء الاقتصاديون في يونيكريديت.

Similar Posts