تنمية الطفل

من الأهمية بمكان عند مناقشة تأثيرات وسائل الإعلام على الأطفال أن نتذكر عمرهم ومرحلة نموهم. وتنمو مهارات الأطفال المعرفية والعاطفية والبدنية والاجتماعية كلما تقدم بهم العمر. وتتغير احتياجاتهم وقدراتهم واهتماماتهم وتحدياتهم كلما تقدموا في النمو والنضج (3). ولنمو الطفل آثار مباشرة على الطريقة التي يكون/ تكون فيها قادر/ قادرة على الاستفادة من وسائل الإعلام. فعلى سبيل المثال، يتمكن الأطفال الأكبر سناً من الحصول على المعلومة، حيث تزيد فترة انتباههم. وهكذا، فبينما هم يمشون قد يكونوا قادرين على الاستماع إلى قصة فقط لدقائق قليلة في كل مرة، أما الأطفال في عمر ما قبل المدرسة قد يكونوا أكثر انتباهاً، في حين أنَّ الأطفال الأكبر سناً يبقون منسجمين لفترة أطول بكثير. وبالمثل، في حين أن الأطفال الأصغر سنا قد يكون قادرين على فهم لغة بسيطة جدا وصور ملموسة، يستطيع الأطفال الأكبر سناً معالجة تعبيرات لغويّة وبصريّة أكثر تعقيداً.
وتستند مختلف النظريات النفسيّة المتعلقة بالتطور البشري على مفهوم “المرحلة”. ويُعد فهم المراحل على أنها فترات زمنية للتطور فريدة، وأنَّ كل مرحلة تتميز بخصائص سلوكية ومعرفية خاصة بها المفتاح لنظريات المرحلة. وتبعاً لتطور الطفل والبحوث النفسية، يتطور جميع الأفراد من خلال المراحل نفسها ضمن ترتيب زمني محدد، رغم أن العوامل الوراثية و/ أو البيئية يمكنها أن تُسرِّع أو تُبطئ من معدل التطور من مرحلة إلى أخرى.
وينظر إلى المراحل على أنَّها هرمية وتكامليّة. وهذا يعني أن المراحل الأكثر تقدماً تعتمد على المراحل السابقة ونتائج التقدم في “إعادة تنظيم” المهارات المختلفة. علاوة على ذلك ، وينظر أيضا إلى هذه المراحل على أنها مراحل عالمية: رغم أنَّ الأطفال ينمون ضمن ثقافات وبيئات مختلفة جداً ويمتلكون خرائط وراثية مختلفة جداً، ويبدو أنها يعيشون عموماً نفس المراحل وبنفس الترتيب.
وهناك نظريات مرحلة مختلفة والتي تبرز التطور المعرفي والبدني والعاطفي وتطور الطفل اجتماعياً وأخلاقياً. واستناداً إلى الأبحاث الجديدة في مجال تطور الطفل، تبين أكثر النظريات الحالية أنَّ الأطفال لديهم قدرات وفهم أفضل مما كان يُعتقد سابقاً. وتتحدى الأبحاث الجديدة مفهوم المرحلة وتوفر طرق بديلة لشرح الاختلافات التطوريّة. ولا تركز هذه الأبحاث تحديداً على نقاط ضعف الطفل مقارنة مع غيرهم من الأطفال والبالغين، ولكنها تركز على الطرق المختلفة التي من خلالها يتفاعل الأطفال مع بيئتهم وكيف يمكن لهذه التفاعلات أن تتغير بمرور الوقت.
وهناك مزيد من التركيز على السياق الذي ينمو ويتطور الأطفال فيه في كل من البيئة الصغيرة والمتمثلة في منزلهم، وكذلك في البيئات الأكبر للمجتمع والثقافة من حولهم. وتعيد هذه المناهج النظر في بعض المنطلقات الأساسية لنظريات المرحلة مشيرة إلى أن تطور الطفل قد يكون أكثر تأثرا بالظروف البيئية والاختلافات الثقافية مقارنة مع فهمنا السابق لها(4). فعلى سبيل المثال، يرى البعض أنه ينبغي علينا أن نولي اهتماماً أكبر لاحتياجات الأطفال الروحية النامية فضلاً عن مجالات الحياة الأخرى، بما في ذلك العدالة الاجتماعية، وذلك من السنوات المبكرة. ويُنظر إلى البقاء على قيد الحياة والنمو والتطور أنها جميعها مترابطة: كل يعتمد على الآخر، وتتطلب أن يكون التواصل شمولياً ومتكاملاً قدر الإمكان.
وأخيراً، هناك نمو هائل في مجال أبحاث علم الأعصاب والدماغ، الأمر الذي يوفر لنا معلومات جديدة عن كل شيء بدءا من كيفية تأثير البيئة على بنية الدماغ والتطور الشامل للطفل حديث الولادة إلى الكيفية التي قد تؤثر من خلالها بنية الدماغ نفسها في السلوك وفهم الرسائل لدى المراهقين.
سوف نركز على ثلاث فئات عمرية رئيسية مع التسليم بأن هذه المجموعات مرنة؛ فالانتقال من واحدة إلى أخرى سلس وفردي والفردية، وهناك تفاوت كبير داخل كل مجموعة. وسوف نتعرض في النقاش للسنوات الأولى من الولادة وحتى عمر 6 سنوات (ويمثل عمر 6 إلى 7 سنوات في معظم المجتمعات بداية التعليم النظامي للأطفال)؛ وتشمل السنوات الوسطى العمر من 7 إلى 11 (ويمثل عمر 11-12 سنة في معظم المجتمعات متوسط عمر سن البلوغ وبداية المراهقة)، وتكون السنوات الأولى للمراهقين من عمر 12 إلى 14 سنة. في حين أن يشمل بعض المتخصصين في تنمية الطفولة المبكرة الأطفال حتى 8 سنوات في السنوات الأولى ، ويعكس استخدام حزمة المصادر هذه العمر من الولادة إلى 6 سنوات ضمن المجموعة الأولى الحقائق المتعلقة بعمر الإلتحاق بالمدارس الرسمية في معظم البلدان النامية، وهو متوافق مع أدبيات البحث في مجال الأطفال ووسائل الإعلام، والأكثر أهمية هو أنَّ هذا التقسيم عملي أكثر بما يخص المبادئ التوجيهية لإنتاج تواصل ذا نوعية لمختلف الفئات العمرية للأطفال. ولقد استبعدت في هذا النقاش المراهقين الأكبر سناً لإن العديد منهم يتحملون بالفعل مسؤوليات الكبار وأسلوب حياتهم.  ويحتاج إنتاج منتجات إعلامية تلبي احتياجاتهم المتنوعة بحثاً منفصلاً ومتعمقاً ونقاشاً  يتجاوز نطاق هذه الوثيقة.فئات العمر الرئيسية: السنوات الأولى، والسنوات الوسطى ، وسنوات المراهقة المبكرة
أخيرا ، علينا أن نتذكر أن عاملي “الطبيعة” و “التعزيز” متداخلين: تؤثر هذه العوامل على البيئة التي ينمو فيها الأطفال، ومدى الرعاية المبكرة، واستقلالهم، فرصة الاستكشاف وطرق أخرى مختلفة للتعلم الذاتي والعالم من حولهم ، فضلاً عن إجراءات لاحقة قد يكونون قادرين على اتخاذها.دعونا نبحث في هذه الفئات العمرية الثلاث من خلال تلخيص الخصائص الفريدة لكل واحدة، واحتياجات التواصل المستمدة منها والدلالات التي تتوافر فيها لاستخدام وسائل إعلام لتنميتهم على نحوٍ سليم ورفاهم.

Similar Posts