صناعة السفن.. الكنز الغارق فى بحر النسيان

إعادة الأمجاد لصناعة وإصلاح السفن التى غرقت فى بحر النسيان، وإقامة أول غرفة لهذه الصناعة تحت مظلة اتحاد الصناعات، يعد محور تحرك اللواء إبراهيم الدسوقي، الذى كان تولى رئاسة جهاز الخدمات البحرية، الذى كان له دور كبير فى تأهيل وتطوير وتحديث ترسانة الإسكندرية، التى قام الرئيس بافتتاحها مع شركة إصلاح السفن منذ أكثر من عام.
الغرفة التى بدأ تأسيسها الدسوقى بعد تركه للخدمة، ستكون بمثابة الكيان الذى يضع السياسات والترتيبات الخاصة بهذه الصناعة الواعدة عالميا ومحليا، والذى قال عنها إن لها دورا مهما وإستراتيجيا فى اقتصاد عدد من الدول البحرية حول العالم، حيث إنها تستوعب عمالة كثيفة مباشرة وغير مباشرة، وقد بلغ حجم الاستثمارات فى هذه الصناعة عالميا نحو 110 مليارات دولار سنويا، لم يتجاوز نصيبنا فى مصر منها سوى 50 مليون دولار.
أما إصلاح السفن، فتبلغ استثماراتها عالميا نحو 30 مليار دولار سنويا، وحصتنا 25مليون دولار، أى أن إجمالى حجم هذه الصناعة فى مصر يبلغ نحو 75 مليون دولار سنويا، وعدد العاملين بها أقل من 10 آلاف فرد، وحجم إنتاجهم السنوى لا يتعدى 15 ألف طن من الصلب سنويا، وتتمركز هذه الصناعة عالميا فى الصين وكوريا واليابان وفيتنام والهند، بينما عمليات الإصلاح وصيانة السفن تتمركز فى الصين وسنغافورة، وبعض دول الخليج العربى وتركيا.
ويحدد الدسوقى أسباب تدهور اقتصاديات هذه الصناعة، فى أن الطلب الداخلى ضعيف وينحصر فى مطالب هيئات الموانى وهيئة قناة السويس وسفن الرحلات والفنادق العائمة بالنيل، بالإضافة إلى أن أسطول النقل البحرى المصرى محدود للغاية لأسباب عديدة، ولا يشجع على نمو هذه الصناعة، بالإضافه لانخفاض إنتاجية العامل المصرى إلى نحو 15 ألف دولار سنويا، مقارنة بالمعدل العالمى الذى يصل إلى 75 ألف دولار.
ويشير إلى أنه بالرغم من الميزة الكبيرة للموقع الجغرافي، الذى ربما يكون هو نقطة القوة الوحيدة فى مصر، والذى يتمثل فى سواحلها على البحرين المتوسط والأحمر بطول 3 آلاف كيلومتر تقريبا، وقناة السويس التى يمر بها نحو 20 ألف سفينة سنويا، بالإضافة إلى القرب من أوروبا ذات الاستثمارات الضخمة فى هذه الصناعة، وأيضا من مراكز التصنيع والشركات الكبرى الموردة للمحركات والمعدات، فضلا عن نهر النيل الذى يوفر فرصا كبيرة للتجارة مع الدول الإفريقية، ولم يتم استغلال هذه المزايا الاستغلال الأمثل.
يضاف إلى ذلك العديد من نقاط الضعف التى أدت إلى عدم نمو هذه الصناعة محليا، وانخفاض القدرة التنافسية عالميا، سواء فى الوقت أو التكلفة أو الجودة، لعل من أهمها عدم استخدام أساليب الإدارة الحديثة، وعدم توافر الصناعات التكميلية والمغذية، حيث يتم استيراد قرابة 90 % من المكونات، فضلا عن غياب معايير أو مواصفات قياسية مصرية لبناء وإصلاح السفن، كما ان عدم وجود هيئة تصنيف مصرية، يؤدى الى زيادة كبيرة فى التكلفة، فضلا عن أن الترسانات تفتقر بشدة إلى أساسيات البنية التحتية الآمنة المنتجة، بالإضافة إلى التنافس فيما بينها، وعدم وجود كيان واحد لتوحيد جهودها ورفع كفاءتها.
ويرى الدسوقى أنه للتغلب على هذه المعوقات، يلزم اعتبار بناء وإصلاح السفن أحد الصناعات الإستراتيجية، وتقديم حوافز تشجيعية للشركات الملاحية والترسانات والمستثمرين، ودعم إنشاء هيئة وطنية لتسجيل السفن.

Similar Posts