فى مواجهة بطلان عقود البيع

يواجه المؤلف دكتور شوقى فى كتابه الجديد الذى اختار له عنوانا معبرا فى مواجهة البطلان يواجه الأحكام الصادرة ببطلان عقود البيع، أو الانتفاع أو بيع الشركات الخاسرة «الخصخصة»، التى صدرت من مجلس الدولة خلال السنوات السابقة، التى عكف المؤلف على دراستها دراسة تحليلية نقدية، بدءا من الواقع الاجتماعى وتعارض المصالح وتصادمها خلال سنوات سابقة أدت الى تكاثر عدد القضايا وإصدار الأحكام فى أجواء امتهنت فيها العدالة تحت تأثير الرأى العام والظروف الاقتصادية والسياسية فى البلاد.

من هذه النظريات التى حرص المؤلف على إحيائها .. والتذكير بها فى كتابه .. أن من أخطأ فعليه أن يتحمل الخطأ على أم رأسه، أما الغير فلا يتحمل نتيجة هذا الخطأ .. واحترام الأوضاع الظاهرة .. واستقرار المعاملات .. واحترام الحقوق والمراكز القانونية .. وافتراض حسن النية فى ابرام العقود وتنفيذها، وتعزيز الثقة فى الإدارة .. بل يؤكد لنا المؤلف أن الخطأ الظاهر يولد الحق .
كذلك حرص المؤلف أن يؤكد أن الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والتنمية .. وتشجيع الاستثمار يصطدم بأحكام البطلان ..التى تحدث الفوضى والاضطراب فى المعاملات .. وضد الاستقرار واهدار الحقوق التى ترتبت خلال فترة تنفيذ العقود، والتى بلغت سنوات طويلة منذ انعقادها والتى أقرت الجهة الإدارية بصحتها وسلامتها.
ولم يغفل المؤلف أن يشير الى أن التصرف متى انعقد، حتى ولو اصابه البطلان كتصرف يعتبر واقعة، تحدث آثارا وترتب حقوقا كما لو كان التصرف صحيحا، ويضرب الأمثال العديدة على ذلك مثل الزواج الباطل الذى يعترف باثاره وثمرته .. وبطلان عقد الشركة كتصرف يعتبر شركة واقعا تنتج آثارها .. وكذلك الأوراق المالية أو المستندات حتى ولو كانت باطلة تنتج أثارها فى إثبات الوقائع المدونة بها أو المديونية.
ويدعو المؤلف الى تعزيز سلطة القاضى الإدارى تجاه العقد حتى ولو كان باطلا .. وأن عليه أن يضع الحلول.. ويبتدع الوسائل لتفادى البطلان وآثاره .. ويواجه العيوب التى أصابت العلاقة العقدية بأعادة التوازن الاقتصادى.. أو تحقيق العدالة واستقرار المعاملات .. التزاما بالنظريات والقواعد القانونية وبأنه لا ضرر ولا ضرار .
وينتصر المؤلف لرأيه فى سلطة القاضي، وأشار المؤلف إلى تجاه دعوى العقد بأحكام قضائية عديدة من القضاء المصرى .. والقضاء الفرنسى وتحديدا مجلس الدولة سواء كانت أحكاما قديمة أو حديثة صدرت أخيرا من الجمعية العامة لمجلس الدولة الفرنسى فى عامى 2012، 2013 .
أن السند التشريعى الذى أدى الى صدور أحكام البطلان يرجع الى قانون المناقصات والمزايدات الصادر منذ عام 98 الذى نص فى مادته الأولى على ضرورة إجراء المزادات عند التعاقد .. والغاء النص السابق منذ عام 83 الذى كان يسمح للهيئات الحكومية التى لها قوانينها ولوائحها الخاصة بتطبيقها دون اللجوء الى قانون المناقصات، ورغم أن النص الجديد لم ينص على جزاء البطلان الا أن المحاكم قد أرهقت النص وحكمت بالبطلان .. وكادت تستقر أحكامها على ذلك .. حتى أصبحت الأحكام بالبطلان كأنها معلومة مقدما !!
وبعدها أشار المؤلف الى تطوير التشريعى .. الذى حاولت الحكومة أن تجد حلا لمواجهة تلك الأحكام، فكان تعديل قانون عام 2006 بالقانون رقم 184 .. ثم بعدها كان مرسوم بقانون رقم 4/2012 بتعديل قانون ضمانات وحوافز الاستثمار لنظر المنازعات أمام اللجنة الوزارية لتصدر قرارا ملزما لجميع الجهات ومنهيا لكل القضايا والمنازعات.
ثم كان الأهم الذى أشار اليه المؤلف فى التطور التشريعى الذى اعتبره تطورا هائلا .. التعديل الذى أدخل على قانون المناقصات بالمرسوم بقانون رقم 82/2013 الذى صدرفى 11 سبتمبر الماضي، والذى الغى المشروع بمقتضاه السند التشريعى الذى كان سببا للبطلان .. بل اعترف المشرع صراحة فى مذكرته الايضاحية بأنه قد أخطأ تقدير المصلحة العامة عندما قرر سريان أحكام المزايدات على الهيئات العامة وكان ذلك سببيا فى إعاقتها فى مباشرة نشاطها وتحقيق أغراضها .
بل وأشار المؤلف الى جهود الحكومة أخيرا بجلسة مجلس الوزراء رقم 9 فى 19 فبراير من هذا العام 2014 التى أكدت بالمادة 8 مكرر قصر منازعات العقود على أطرافها الحكومة والمستثمر وأن تحكم المحكمة بعدم القبول فى حالة المخالفة .. وهو ما اعتبره المؤلف تأكيد لضرورة توافر شرطى المصلحة والصفة فى قبول دعوى العقد .. التى تخطتها أحكام القضاء وأهدرت مفهومها .. وقنعت بفكرة المواطنة وحدها ..التى كانت سببا فى تكاثر دعاوى البطلان .. والفصل فيها، على حساب دعاوى أخرى قديمة ما زالت تنتظر من يأخذ يدها، وهى واقفة فى الطابور .
والكتاب بدأ بمقدمة .. وتمهيد، كاشفا أهمية موضوع البحث وعناصره وجدواه .. وضرورة مواجهة البطلان، وقد استغرق فى دراسته وإعداده أربع سنوات .. قسمه الى بابين، وكل باب من فصلين، فالباب الأول خصصه للواقع الاجتماعى والأسباب التى أدت الى تكاثر دعاوى البطلان أمام المحاكم .. وكيفية نظر تلك الدعاوى وقبولها .. وصلاحية الفصل فيها . موضحا فكرة الصفة والمصلحة فى اللغة وفى القانون .. بين التشريعات الأجنبية والفقه الاسلامى .. والتشريع المصرى .. وكيف خرجت الأحكام عليها وتخطت هذا المعنى بطريق التفسير حتى أصبحت الدعوى .. من الدعاوى الشعبية أو دعاوى الحسبة .
وخصص المؤلف الباب الثانى لدراسة وتحليل أحكام البطلان دراسة تحليلية نقدية مدعمة بالنظريات .. والقواعد القانونية وأحكام القضاء وكيف أنها خالفت السوابق والقواعد والنظريات القانونية وخلص الى أن تقرير البطلان تحقق بشأنه ما قال به علماء القانون والفقهاء الأوائل منذ أكثر من قرن من الزمان أنها تحدث الآثار المدمرة .. والفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار .. وأخيرا وجه دعوته الى قضاة مجلس الدولة لاعادة النظر وتوحيد المبادئ .. ومراجعة النظريات والقواعد القديمة والحديثة إعلاء لكلمة الحق والانصاف ..
الكتاب: فى مواجهة البطلان
المؤلف: د. شوقى السيد
الناشر: دار الشروق 262

واستعان المؤلف فى مواجهة أحكام البطلان بالنظريات والقواعد القانونية وأحكام القضاء، وأقوال مأثورة لفقهاء وعلماء عظام فى القانون، القدامى والمحدثين، والتى تؤكد أن أحكام البطلان مضطربة .. وغير مستقرة وتسودها الفوضى .. وتحدث آثارا، مدمرة يتعذر تداركها .. وتتناقص مع نظريات قانونية راسخة منذ قديم .

Similar Posts