كيف يتعلم اليابانيون الصبر والمثابرة؟

عادةً ما يبدأ يوم العمل في العاصمة اليابانية طوكيو برحلةٍ عبر أكثر شبكات قطارات الأنفاق ازدحاماً في العالم بأسره؛ إذ يبلغ عدد مستخدميها يومياً قرابة 20 مليون راكب.
 
ويمثل ذلك أمراً مجهداً، إذ تجد المتوجهين إلى أعمالهم يهرعون في كل الاتجاهات بداخل المحطات. أما على الأرصفة نفسها، فيقف الركاب ككتلةٍ واحدةٍ متلاصقةٍ بجانب أبواب القطارات، تحاشياً لعرقلة مُغادريها أولاً، قبل أن يندفعوا بدورهم إلى الداخل، وإن كان بوتيرةٍ بطيئةٍ يفرضها عليهم الازدحام الشديد.
 
وعلى متن القطارات، يضطر الركاب إلى ضغط أجسادهم كي تستوعبهم المساحة. ويكتشف هؤلاء أن قدرتهم على الحركة باتت منعدمةً تقريباً، بل إن أقدامهم قد لا تلامس الأرض في بعض الأحيان. ورغم كل ذلك، فحتى في تلك القطارات المكتظة بركابها، يسود صمتٌ كاملٌ.
 
ولا يشكل هذا المشهد استثناءً في اليابان، الذي يبدو التزام مواطنيها بسلوكٍ هادئٍ ومنظمٍ سمةً لأي تجمعاتٍ حاشدةٍ في أراضيها، مهما كانت كبيرة. وفي كثيرٍ من الأحيان، يُدهش القادمون من الخارج عندما يرون مدى استعداد اليابانيين للانتظار بصبرٍ ترقباً – مثلاً – لقدوم وسيلة مواصلات، أو لإطلاق علامةٍ تجاريةٍ جديدة، أو حتى لوصول المساعدات والمعونات إليهم، بعد كارثةٍ كتلك التي وقعت في فوكوشيما قبل ثماني سنوات، وحلت ذكراها السنوية الثامنة الأسبوع الماضي.
 
لكن التحلي بتلك الصفة يتطلب من اليابانيين بذل مجهودٍ كبيرٍ، يُطلق عليه محلياً اسم “غامان”، وهي مفردةٌ تعني “الصبر” باللغة اليابانية.
 
null

Similar Posts