مشاركة المراهقين فى حل الخلافات تكسبهم مهارات التفاوض

تعد المشكلات الأسرية بين الآباء والأمهات من الظواهر المتفاقمة مع زيادة الأعباء والأدوار الملقاة على كاهل كل منهما ولا يخلو بيت من وجود بعض الخلافات فهو أمر طبيعى بين الزوج والزوجة …والسؤال الذى يطرح نفسه هل تدخل الأبناء فى المشكلات الأسرية والحياتية بين آبائهم وأمهاتهم يسهم فى حلها أم يؤدى إلى تفاقمها؟.
 
أحمد طالب ثانوى يقول: الشجار فى بيتنا روتين حياة وكنت أحاول عدم التدخل إلا أن وصلت المشكلة فى إحدى المرات إلى إصرار والدتى على الطلاق فقررت التدخل لإصلاح الأمور بينهما وبعد محاولات نجحت فى إنهاء الخلاف و إصلاح الأمور بينهما إلى حد كبير.
 
أما سارة 13 سنة فتقول:لا أستطيع التدخل فى الخلافات بين أبى وأمى فقد حاولت مرة، وغضب منى والدى بشدة وقال لا شأن لك بهذه الأمور.
 
آدم و ليلى توأم 16 سنة : نحمد الله على العلاقة الجميلة التى تجمع بين والدينا و لكن منذ عام حدث أمر جلل كاد يعصف بحياتنا الأسرية فقد اكتشفت والدتنا وجود علاقة بين والدنا و إحدى زميلاته فى العمل و تركت المنزل وأصرت على الانفصال رغم محاولات والدنا المستمرة للاعتذار والندم وهنا تدخلنا لتهدئتها وإقناعها بأن هذا الخطأ لن يتكرر وعليها العودة لأننا جميعا لا نستطيع العيش بدونها والحمد لله نجحنا فى عودة الروح والحياة لبيتنا مرة أخرى.
 
ويشير د. أحمد حسن الليثى استشارى الصحة النفسية: إلى أن دور الأبناء يختلف باختلاف مرحلتهم العمرية، ففى مرحلة الطفولة يؤدى إدراك الطفل وجود مشكلات بين والديه إلى الشعور بعدم الأمان فى وقت يكون فى أشد الحاجة إلى الرعاية والعطف من كلا الوالدين ويجب أن يتفقا على النقاش الهادئ المتوازن بعيداً عن الأطفال ، حيث أن شعور الطفل بالحب والحنان من والديه وخاصةً فى سنوات عمره الأولى يعد المصدر الأساسى فى بناء شخصيته وصحته النفسية ولا يحدث ذلك عادة إلا فى أسرة مترابطة ومستقرة ويسود الحب بين أفرادها وهنا يكون دور الأبناء غير مباشر فى الحفاظ على استقرار الأسرة حيث يعمل كل من الأب والأم على حل المشكلات حفاظاً على أبنائهم.
 
وفى مرحلة المراهقة التى تتوسط مرحلتى الطفولة والنضج اختلف العلماء حول أهمية مشاركة الأبناء فى المشكلات الأسرية والحياتية، فيرى البعض أن هذا من شأنه تدريب الأبناء على تحمل المسئولية والايجابية وروح المبادرة ويكسبهم مزيدا من الخبرات والوعى ومهارات التفاوض والحوار وحل المشكلات حيث يكون لهم دور الوساطة وحلقة الوصل بين الوالدين ، بينما يرى فريق آخر من العلماء أن إشراك الأبناء فى تلك المرحلة فى المشكلات قد يتسبب فى شعور المراهق بافتقاد القدوة والدفء العائلى خاصة إذا كانت لغة الحوار بين أعضاء الأسرة حادة والعلاقات غير مترابطة مما يجعل المراهق يلجأ لأقرانه فى توجيه سلوكه وشخصيته ويتمرد على نصائح وتوجيهات والديه.
 
ويتفق د.أحمد الليثى مع الفريق الأول حيث يؤكد أهمية إشراك الأبناء خلال مرحلة المراهقة فى المشكلات التى تحدث بين الآباء والأمهات بهدف تدريبهم على حل المشكلات والتفاوض واكتساب الخبرات الحياتية ولكن يجب أن يتم ذلك فى ضوء قواعد أساسية يجب أن يتبعها أفراد الأسرة وهي: الاحترام المتبادل واستحضار مشاعر المودة والرحمة والحوار الإيجابى العقلاني، والتزام كل فرد بأدواره، والبحث عن الحلول والتماس العذر للآخر، والتعاون بين أفراد الأسرة وألا يقوم أحد الآباء باستقطاب الأبناء لصالحه، واستشارة ذوى الخبرة والمتخصصين والثقة المتبادلة بين أفراد الأسرة.
 
وفى إطار هذه القواعد يمكن للأبناء المشاركة الإيجابية فى حل مشكلات الأسرة وأن يكونوا حلقة الوصل و«واسطة الخير» لنزع فتيل الأزمات الأسرية ولم شمل الأسرة سواء فى الخلافات المعتادة أو حالات الانفصال بين الزوجين، ويتشكل هذا الدور الإيجابى للأبناء من خلال تنشئتهم على المشاركة والحوار وإبداء الرأى والمبادرة والتدريب على السلوك المسئول، فالأسرة هى المجتمع الصغير التى ينِشأ فيه الطفل صفحة بيضاء ويتعلم فيها وتتشكل شخصيته.

Similar Posts