هل الصوم يشفي
يوفر الصوم للجسم هذه الطاقة التي يحتاجها لإنجاز عملية شفائه، خلافاً لما يبدو لأول وهلة من أن الانقطاع عن الطعام يحرم الإنسان من الطاقة اللازمة لحياته. فمهما كانت درجة نقص أو انقطاع الغذاء عن الجسم فإن حجم عمل الجهاز الهضمي سينقص بما يتناسب مع النقص في تناول الغذاء، وسيقوم الجسم بطريقة أذكى من طريقة أي طبيب بتوجيه الطاقة الفائضة عن ذلك إلى الجهة التي يقدر أنها الأكثر حاجة لها. يبدأ جسم الصائم في الواقع باستخدام احتياطاته الغذائية المخزنة مسبقاً مثل الفيتامينات والعناصر المعدنية، ومن ثم يبادر إلى تحويل دهون الجسم إلى سكريات أو وقود طاقة. وفي حالة الصيام على الماء مثلاً، يلزم الجسم كي يوفر جميع ما يلزمه من طاقة بهذه الطريقة أن يصرف مقداراً من الطاقة يبلغ حوالي 5 % فقط من ميزانية الطاقة اليومية العادية بينما كان قبل الصوم يصرف 33 % من هذه الطاقة على عملية هضم الغذاء الجديد. وبهذا يضع الصوم على الماء تحت تصرف الجسم 28 % من ميزانيته اليومية للطاقة ليصرفها حيث يشاء، ولكن طبعاً على حساب شعوره المتوقع بالوهن وافتقاد الطاقة.
إن شعور المريض أو المتسمم الصائم على الماء بالضعف شيء طبيعي ويدل على أن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح. ويرافق عمل الإشفاء الداخلي للجسم وإزالة تسممه، وهو بطبيعته عمل قاس وشاق، كلما مضى بعيداً، شعور أكبر بالتعب. وسيصرف جزء كبير من الطاقة المتوفرة للجسم على دعم نظامه المناعي إذا كانت مشكلته الصحية في أحد الأخماج، كما يمكن صرفها في شفاء الأعضاء والوظائف الحيوية المتضررة وإعادة بناء الأعضاء المصابة بالفشل وتحطيم وطرح المواد السامة في الجسم. ويبدأ الجسم بالإحساس بالحيوية مرة أخرى فقط عندما يكون عمل الإشفاء قد تم في معظمه. لذلك يوصى الصائم على الماء من أجل العلاج وإزالة سموم الجسم بأن لا يتوقع غير التعب والضعف خلال الفترة الأولى من صومه على الأقل. وعادة ما يمكن للصائم ممارسة أنشطة كافية في الأيام الأربعة أو الخمسة الأولى من صومه، ولكن بعدها يبدأ انخفاض سكر الدم الذي يبدأ بعد اليوم الأول من الصوم بدفعه لابتغاء الراحة جلوساً أو استلقاء. وسيؤدي هذا لتوفير طاقة حركة الجسم المتناقصة مما يتيح صرفها على مزيد من الإشفاء بإصلاح الأعضاء وإزالة التسمم في الجسم. ويقدر أن أقل من نصف طاقة الجسم بقليل في هذه المرحلة يصرف في عمليات الإشفاء. ويعني ذلك بداهة أن عملية الإشفاء تتم بطريقة متسارعة، ولهذا تزداد فائدة الصيام في العلاج كلما كان أكثر طولاً.