وقود الأمل فى «رجال حول الوطن»

فى كتابه الأخير«رجال حول الوطن» يتناول الكاتب محسن عبد العزيز سير عدد من الرجال العظماء الذين أسهموا بشكل مباشر أو غير مباشر فى نهضة مصر حيث تنوعت مجالاتهم من زعماء مثل جمال عبد الناصر وقادة عسكريين مثل الفريق الشاذلى ومبدعين مثل يحيى حقى ويوسف إدريس ومفكرين مثل لويس عوض وصحفيين مثل سعد هيكل وأحمد بهاء الدين وعبد الوهاب مطاوع ومصلحين مثل الإمام محمد عبده. البعض منهم التقى بهم الكاتب والبعض الآخر تحدث عن أفكارهم بعد أن غيبهم الموت.
ويقول الكاتب إن فترة حكم الإخوان الكئيبة كانت وراء الكتابة والبحث عن الشخصيات العظيمة بهدف واحد وهو الإيمان بأن الوطن الذى أنجب هؤلاء لا يمكن أن يسقط أبدا وأن مصر وطن لا يخلو من عظماء حتى فى أشد لحظاته وإن أصابه المرض سرعان ما يهب واقفا مرسلا رسالته فى العدل والحرية الى العالم.
 
اختار المؤلف «محمد نجيب» ليكون فى مقدمة شخصياته ووصفه ب«الديكتاتور الطيب» مؤكدا أنه رغم ما عاناه من عذاب وإهمال وتجاهل وصل الى شطب اسمه من كتب التاريخ،رغم أنه عاش حتى شيع معظم من عذبوه الى قبورهم بعد أن قتلتهم الصراعات وأمراض السلطة.
 
وانحاز الى الزعيم «عبد الناصر» كصاحب مشروعات حقيقية فى مصر، مشيرا الى موقف استطاع فيه ناصر أن يحظى بشعبية بين زملائه بعد رفضه طلب المعلم ضربهم كونه الوحيد الذى استطاع الإجابة عن سؤاله وهكذا كان الى أن أصبح زعيما.
 
وكما تناول الكاتب موهبة «هيكل» وبعد نظره فى قبول رئاسة تحرير «الأهرام» رغم ما كانت تعانيه الجريدة من مشكلات فى ذلك الوقت.
 
وفى تناوله لشخصية إمام التنوير «محمد عبده» ذكر كيف قادت صرخات الإمام الغاضبة ضد السياسة الى السجن والمنفى وقادت البلاد الى الاحتلال البريطانى عام 1882،ورغم تعرضه للطعنات المتلاحقة ساقته الأقدار الى منصب مفتى الديار المصرية عام 1899وكيف كانت فتواه تتسم بالتسامح واستقلال الرأى والبعد عن التقليد والملاءمة بين روح الإسلام ومطالب الحياة العصرية.
 
كما استطاع الكاتب مقارنة جماليات أساليب المبدعين والغوص فى نفسيتهم وذلك ما بين عامية صلاح جاهين ووضوح أحمد بهاء الدين وعلمية حقى وتطويره للقصة القصيرة وأول من استخدم «الفلاش باك» وعدم ازدواجية نزار قبانى كما لا يفوته عذابات العاشق كامل الشناوى ولا الشاعرأمل دنقل الذى احترف شعر التمرد بعد معايشته للصراعات داخل أسرته على الميراث.
 
ويرى عبدالعزيز أن الحياة والتاريخ ما هما إلا سير هؤلاء العظماء وأعمالهم فهم لم يموتوا كما تذهب الظنون ولكنهم أحياء بالكلمة الصافية التى غيرت حياة الملايين وأعمالهم التى لا تروح على مر الزمان وبهم تقوم الحضارات ويتقدم الوطن ويبقى شامخا بأفكارهم النضرة.
 
< رجال حول الوطن. محسن عبد العزيز. القاهرة. دار بتانة. 2018  

Similar Posts