فاينانشال تايمز»: حان الوقت لقرار عربي جريء للإصلاحات الاقتصادية

ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية ان مراجعة فترة العامين ونصف المنصرمة توفر الدليل على ان الدول العربية عانت تباطؤا في تحقيق إصلاحات اقتصادية فعالة مشيرة الى انه حان الوقت لقرار عربي جرئ للإصلاحات الاقتصادية. واضافت انه في حين تواجه تلك الدول تحديات اقتصادية متباينة، الا ان ثمة مفهوما مشتركا عاما يطفو على سطح الاحداث في الشرق الاوسط وهو ان صانعي القرار في تلك الدول مقيدون بالخيارات الصعبة للإصلاح الاقتصادي في مواجهة الاستياء الشعبي والاضطرابات الاجتماعية العارمة. ولكن الصحيفة قالت انه في ظل ضآلة الخيارات والوسائل الممكن اتخاذها للخروج من الركود الاقتصادي في المنطقة، فان ثمة وسيلة امام دول المنطقة تتمثل في خروجها من دائرة التركيز على الاقتصادات المحلية والانخراط في تعاون اقتصادي يجمع هذه الدول بعضها ببعض، ويمكن ان يكون التكامل الاقتصادي الاقليمي هو الحل العملي امام القادة العرب يتعين عليهم ان ياخذوه بالجدية اللازمة. المناخ المناسب ومضت الصحيفة الى القول ان المنظمات متعددة الجنسيات بما فيها البنك الدولي وبنك التنمية الافريقي تتبنى فكرة التكامل الاقتصادي بغية تهيئة المناخ المناسب للنمو الاقتصادي، وخلق الفرص الوظيفية وتقليص معدلات الفقر.وقد اشارت هذه المنظمات الى ان منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا – مينا – تعتبر اقل اقاليم العالم من حيث التكامل الاقتصادي. وقالت انه خلال الفترة 2008 و2010 كانت نسبة الصادرات بين الدول العربية لا تتجاوز نسبتها %8 من اجمالي التجارة العربية، وذك مقارنة مع %25 في رابطة الدول الاسيوية – اسيان -، و%66 في دول الاتحاد الاوروبي.بحسب جريدة الوطن على ان مثل تلك المبادرات ليست بجديد ة على المنطقة، فقد كانت جامعة الدول العربية التي انشئت عام 1945 تضع على راس قائمة اهدافها تعزيز التجارة الاقليمية بن دول الجامعة، وقد تم وضع وتطبيق العديد من الاتفاقيات التجارية بين دول المنطقة. التباطؤ والتشرذم ومع ان شيئا من التقدم قد تحقق، الا ان مبادرات التكامل الاقتصادي في منطقة مينا ظلت تعاني من التشرذم والتباطؤ، ولم يكتب النجاح او التطبيق الفعال لاي من هذه الاتفاقيات حتى الآن.وكانت التحديات الرئيسية تنحصر في الاقتصاد والسياسة. وقالت المجلة انه من وجهة نظر اقتصادية بحتة، فان الدول الغنية بالمصادر الطبيعة قلما تجد الحوافز القوية للسعي نحو تكامل اقتصادي اكثر عمقا واشد اولولية واكثرالحاحا، وربما تجد نفسها مضطرة – في هذه الحالة – الى التخلي عن وارداتها الرخيصة من السلع المستوردة من باقي دول العالم والتحول نحو اعطاء الاولوية لاستيراد منتجات من شركات اقليمية اقل كفاءة.وهناك دول مثل المغرب ولبنان وتونس حققت فائدة من خلال الاتفاقيات التجارية الاقليمية، في الوقت الذي نجد فيه الدول الغنية مثل الكويت وقطر والسعودية والامارات من الانحرافات والتحولات التجارية. وهناك سبب اخر قد يتمثل في الدرجة المتدنية من التكامل بين الدول، حيث ان التجمعات الاقليمية لديها مصادر طبيعية متشابهة وقدرات انتاجية متقاربة ما يخلق صعوبة في زيادة تدفقات التجارة البينية فيما بينها. الإرادة السياسية ولكن الصحيفة ترى ان السياسة تبقى الحاجز الرئيسي الذي يقف حائلا امام التكامل الاقتصادي الاقليمي في منطقة مينا، حيث ان غياب الارادة السياسية ظل على الدوام ناتجا عن القلق حول الدول التي يمكن ان تجني اكبر الفوائد من مثل هذه البرامج والخطط الاقتصادية، وما يمكن ان تحدثه من اثار على القيادة الاقليمية في المنطقة.ولا شك ان خلق التوازن بين اهداف السياسة الخارجية وبين الضرورات والمتطلبات الاقتصادية يعتبر امرا ضروريا لتطبيق هذه الاتفاقيات وتفعليها. وقالت الصحيفة ان تحقيق النجاح يتطلب التركيز على ثلاثة اهداف رئيسية اولها استعادة المصداقية للجهود المبذولة مجددا حيث يتعين تناول كافة الاتفاقيات الثانئية القائمة حاليا وتفكيكها للخروج باطار عمل واحد قائم في احدى اقاليم العالم ويكون قابلا للتطبيق في المنطقة على غرار رابطة غافتا للتجارة الدولية مثلا، ويقتضي تقوية الشركات ووضع الية فعالية للنظر في النزاعات التجارية وتسويتها يكون من مهامها مراقبة تطبيق الاتفاقيات الموضوعة قيد التنفيذ، وهنا يجب التاكيد على ان الالتزامات لها دلالات محددة وعلى قدركبير من الجدية. الاستثمار والخدمات أما الهدف الثاني فيتناول إعادة النظر في انماط التكامل واوجه الضعف الذي يعتري دول المنطقة حيث ان التعاون الاقتصادي بين دول الشرق الاوسط ظل بصورة تقليدية مركزا على تحرير تجارة السلع، على ان الجهود الجديدة يجب ان تتوجه نحو فتح قنوات استثمارية عابرة للحدود بين الدول فضلا عن الاستثمارات وقطاعات الخدمات بما في ذلك الخدمات المصرفية والاتصالات والخدمات اللوجستية والنقل البري والجوي. أما الهدف الثالث والاخير فانه في ضوء ما سبق، فان بقاء الالتزامات السياسية والقيادة هما العامل الحاسم الذي يقرر السير في درب تحقيق التكامل الاقتصادي من عدمه.ولكن الشواهد القائمة توحي بان تكاملا اقتصاديا اكثر عمقا بين دول المنطقة لا يبدو امرا مرجحا في الوقت الحاضر.ولكن اذا ما تبين لدى القادة العرب ان بقاءهم ومستقبلهم السياسي يعتمد على قدرتهم على تحريك العجلة الاقتصادية وانهم مضطرون الى مثل هذا التوجه، فانه يمكن القول ان الوقت قد اصبح مناسبا لاتخاذ قرار جديد وجرئ في هذا الاتجاه.

Similar Posts