مواقع الشركات على الإنترنت تمثل رسالتها إلى العالم – ديفيد بوين

بقلم – ديفيد بوين
يعتبر حضور شركة كبيرة على شبكة الإنترنت أمرا مكلفا، وبالتالي فإن الشركات التي لديها الشجاعة الكافية لتحصي هذه التكلفة ربما تجد أنها تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات سنويا، ومع ذلك فإن العائد على هذا الاستثمار من المستحيل تقديره.
ولكن بعد أن صارت شبكة الإنترنت في الوقت الراهن وسيلة إعلام جماهيرية في الدول المتقدمة وتشهد نموا سريعا في المناطق الأخرى، باتت جزءا أساسيا من خليط الاتصالات.
ما هو مطلوب إذن هو الوسيلة المناسبة للحكم على ما إذا كانت حزمة شبكة إنترنت ما تقدم الفائدة المرجوة – يعني ذلك إنجاز كل شيء ينبغي أن تقوم به إضافة إلى تلك التي بإمكانها فعله، و – لا يقل أهميته على الأقل – لمعرفة من الذي يقدم عملا أفضل حتى يمكن مراقبة الممارسة الأفضل ومن ثم تبنيها أو التكيف معها.
هذه هي المهام التي يحاول مؤشر بوين كراجز FT Bowen Craggs التابع للـ”فايننشيال تايمز” الاضطلاع بها.
المؤشر شكل من أشكال التصنيف، بل إنه في الواقع عبارة عن عدة تصنيفات وليس الهدف هو تقديم المدح أو الذم أو إثارة الرعب وإنما لإظهار ما ينبغي القيام به (وما لا يجب فعله) لجعل موقع شبكة إنترنت ما فاعلا بقدر الإمكان تحت عناوين رئيسية عديدة.
يعد هذا المؤشر قيما جزئيا لأنه يأخذ نظرة شاملة، من خلال تدقيق وظائف متباينة (وغالبا معقدة) يطلب من موقع ما القيام بها، والتحقق بشأن مدى فاعليته في إنجازها. إن ميزة مواقع الشركات على الإنترنت هي أنه على الرغم من أن هناك اختلافات ملموسة في أولوياتها، إلا أن هذه المهام هي ذاتها إلى حد كبير بالنسبة إلى الجميع، كذلك فإنه مفيد أيضا لأنه مؤسس على الأحكام بدلا عن نظام “لائحة الفحص والتدقيق”.
يفحص المؤشر المواقع الخاصة بـ 60 أكبر شركة عالمية، اختيرت من لائحة 2006 للشركات المنضوية تحت مؤشر “فايننشيال تايمز جلوبال 500″، الذي يصنف الشركات وفقا لقيمتها السوقية. ويتم تحليل أكبر 20 شركة من كل من الولايات المتحدة وأوروبا وباقي أنحاء العالم.
إذن ما العامل الذي يساعد على حضور شبكة إنترنت من الدرجة الأولى للشركات؟ أولا بوسعك التحرك بسهولة ويسر دون أن تخسر علاقاتك. وهذه علامة لبناء جيد وحوكمة جيدة – أي إن حضور شبكة الإنترنت يدار وفقا لقواعد وعمليات مرعية بشكل جيد.
ثانيا، تقوم المواقع الأفضل بإنجاز الوظائف كافة التي بإمكانها القيام بها. إنها تقدم خدمة عالية الجودة لأصحاب المصالح كافة: الناس الذين يبحثون عن العمل، الصحافيون، المستثمرون وناشطي المسؤولية الاجتماعية الذين يحظون بأهمية خاصة. بل إنها حتى تحرص على توفير نقاط اتصال جيدة – وهو عنصر نقوم بتضمينه بشكل منفصل لأنه غالبا يمثل الدور الأكثر أهمية الذي يمكن أن يلعبه موقع ما.
ثالثا يوفر أفضل استخدام لتقنية الإنترنت. مع انتشار خدمة النطاق العريض، الفيديو، البث الإذاعي والخدمات الأخرى يصبح التقدم في هذا المجال منطقيا ولا نرى سوى دليل ضعيف حتى الآن من أن الموجة الثانية من الإنترنت، Web 2.0 ، ووظائفها التفاعلية قادرة على بناء مجتمعات الإنترنت. ربما يعود سبب ذلك إلى أن عمالقة قطاع الشركات متقاعسون أو لأنهم حذرون بشكل منطقي. مهما كان السبب يمكننا أن نتوقع مشاهدة المزيد من التجريب خلال العام المقبل.
غير أن الشركات التي تتصدر اللائحة تفعل المزيد، فشركة “سيمنز” تبرز في هذا المجال ليس لأنها تمتلك وجود موقع إنترنت مترابط بدرجة عالية فحسب بل أيضا لاهتمامها البالغ بالتفاصيل.
حاول البحث عن منتج: عملية الانتقال من البيانات التلخيصية في الموقع إلى البيانات التفصيلية عملية منطقية للغاية.
انظر إلى خيار “الاتصال” أو خيار “أرشيف التصاريح الصحفية ” في موقع الشركة، تجده أيضاُ على الدرجة نفسها من المنطقية العالية. من الجلي أن “سيمنز” لم تقل “دعونا نفعل ما يفعله الآخرون، ولكن أفضل فقط”. أنها تتناول كل مشكلة وتحاول إيجاد الحل اللازم لها وفقا للمبادئ في المقام الأول.
كذلك فإن شركة “شل” حققت إنجازات جيدة أيضا، وحتى وقت قريب كان موقعها راقيا ولكنه محافظ في الوقت ذاته، غير أن ذلك تبدل مع صفحتها الرئيسية الجديدة في موقعها على الإنترنت: هنا نجد كلمات (ذات إشارات مبهمة) بأحجام متباينة التي تعكس شيوعها كمصطلحات بحث. إنها ليست ذكية فحسب بل تحمل لمسة من الموجة الثانية من الإنترنت، 2.0 Web ، بداخلها.
أما “بريتيش بتروليوم”، فإنها مختلفة قليلا: إذ إنها تبرز أقل من جهة الترابط الكامل بدلا عن ومضات الذكاء لا سيما في استخدام تقنية الإنترنت. أنقر على خيار “العرض الإحصائي للطاقة العالمية”، على الصفحة الرئيسية في موقعها على الإنترنت، ومن ثم على خيار “أداة جدولة الطاقة” تحصل على معلومات مفيدة ومسلية.
هذه شركات تأخذ بالفعل مواقعها على الإنترنت مأخذ الجد. هل من قبيل المصادفة بأن الشركات الثلاث جميعها التي في الصدارة عانت من مشكلات تتعلق بالسمعة أخيرا؟ نعم بالتأكيد، ولكن ليس من المصادفة أنها تستخدم الإنترنت من أجل إصلاح الضرر الذي لحق بسمعتها.
ما موقع المؤشر ضمن تصنيف الاتجاهات الشاملة؟ ليس هناك شيء جدير بالملاحظة في نطاق القطاع، ولكن الاختلافات الإقليمية لافتة للنظر. إذ إن ثماني من أصل عشر شركات ضمن أفضل عشرة مواقع إنترنت هي لشركات أوروبية.
ربما يكون ذلك مفاجأة بالنسبة إلى الأمريكيين الذين بدأوا استخدام الإنترنت منذ وقت مبكر للغاية. لكن ذلك جزء من المشكلة. فالعديد من مواقع الشركات الأمريكية لديها شعور بالإنهاك بشكل مميز – لا تبذل سوى جهد ضئيل لتلميع علاماتها التجارية وبدلا عن ذلك تبرز بشكل جلي الانقسامات بين مالكيها (لا شيء مثل موقع الإنترنت في كشف السياسات الداخلية).
لديها أيضا اهتمام قوي بالتسويق والبيع مع إهمال وظائف الاتصالات الأخرى ما يؤدي إلى ذبولها. يعزز ذلك مدى نجاح المواقع الأمريكية والكندية ضمن فئة “خدمة العملاء – التي فيها من ست إلى عشر شركات في الصدارة من أمريكا الشمالية – أكثر من نجاحها من حيث الترتيب مرفقا لجودة “البناء” (الترابط الكلي) – والتي فيها تشكل أمريكا الشمالية اثنان فقط ضمن الشركات العشر في الصدارة.
أتى الأوروبيون من الخلف، يمارس البعض لعبة قفزة الضفدعة. وأفضل مثال لذلك هو موقع شركة إيني الإيطالية للطاقة، الذي يبرز ضمن قائمة أفضل “بناء”: قبل بضعة أعوام خلت، كان الإيطاليون يحومون حول أسفل اللائحة.
أما السلوك الأمريكي، من الناحية الأخرى ممثل في “بنك أوف أمريكا” إذ إن موقعه عبارة عن كابوس معماري وعلامة تجارية باستثناء العملاء الذي يرشدون خطوة بخطوة وبيسر تام إلى الموقع الذي يمكنهم أن يقدموا أعمالهم. غير أن موقع شركة إيني لا يأتي ضمن ترتيب “التسويق”، ويمكن لجانبي الأطلسي أن يتعلما من بعضهما بعضا.
ماذا يعني هذا بالنسبة إلى الشركات في أسفل اللائحة – وجميعها تقريبا من العالم النامي؟ هل عليها أن تلعب قفزة الضفدع أيضا؟ من المحتمل أن البعض فقط يمكن أن تفعل ذلك. إن المواقع الروسية ضعيفة لأنها بنيت على ميزانيات شحيحة إلى حد كبير ولكن من المؤكد أنها تتحسن بسرعة. أما المواقع السعودية فإنها ضعيفة من حيث المحتوى: وهي بدورها سوف تتحسن أيضا مع ازدياد حجمها.
لكن ماذا عن الشركات التي تنفق على مواقعها ولكن دون تأثير كبير؟ إنها أقصى ما يمكن أن تفعله، وتمتلك شركة كومبيانيا فال دو ريو دوسي، عملاقة التعدين البرازيلية، موقع غال ولكنه لا يعمل بنجاح.
من الغريب أيضا رؤية العديد من المواقع اليابانية في حالة فوضى. أجرى محللنا الياباني تدقيقات من أجل معرفة ما إذا كانت النسخ المحلية للمواقع اليابانية أفضل حالا: هناك مواد تسويق كثيرة للغاية من البنوك، وأيضا معلومات جيدة بالنسبة إلى الخريجين ولكن الجواب عموما كان “لا”.
على سبيل المثال لم يسعفأن الفرع الأمريكي لشركة هوندا قد حصل على عنوان “دوت كوم” المعياري الخاص بها لكن أفضل شيء يمكن أن يقال عن موقعها العالمي على شبكة الإنترنت هو أنه مشوق من حيث غرابة أطواره.
ليست غرابة الأطوار تلك مقصورة على المواقع اليابانية فقط، إذ إن شركة إي. دي. إف الفرنسية للطاقة لديها صفحة رئيسية موسيقية في موقعها على الإنترنت تعمل أيضا كمركز للملاحة داخل الموقع. في كل مرة تمر عبرها تستمع إلى الموسيقى. إن الصوت جانب مهمل في الإنترنت -لكن بوسعك الحصول على أشياء كثيرة مفيدة.

Similar Posts