نظرية دافيد ريكاريو فى الصناعة والتجارة

أيد د. ريكاردو فكرة عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، وضرورة حرية 
التبادل بين البلدان المتعاملة، وانطلق من ملاحظة ظاهرتين هامتين متمثلتين فيما يلي: 
ـ تكاليف إنتاج المرتفعة والتي تتزايد باستمرار في الزراعة. 
ـ حماية بريطانيا للمنتجات الزراعية المحلية من المنافسة الدولية التي ساهمت في ارتفاع
تكاليف المعيشة اليومية للعمال، مما أدى بهم للمطالبة بالرفع من الأجور نظرا لإرتفاع 
حصة الخبز في ميزانية الاستهلاك للعامل. 
إن ارتفاع أسعار الحبوب يستلزم ارتفاع مستوى أجور العمال و بالتالي انخفاض
الأرباح الصناعية وتراجع تراكم رأس المال الصناعي والنمو الاقتصادي بصفة عامة. 
إن ثبات معدل الأجور أو انخفاضه ـ حسب د.ريكاردو ـ يكفي لكي تنمو الصناعة في 
بريطانيا، ولكن نتيجة كهذه لا يمكن الوصول لها إلا إذا تخلت بريطانيا عن حماية 
منتجاتها الزراعية لكي تبقى التكاليف الحقيقية لليد العاملة ثابتة أو تنخفض إن أمكن. 
ويقول د.ريكاردو في هذا السياق في كتابه ‘ مبادئ الاقتصاد السياسي’ 
” إن معدل الربح لا يمكن أن يرتفع إلا إذا انخفضت الأجور وهذا الانخفاض ليس دائما 
إلا إذا خفضت أسعار احتياجات العمل التي يقتنيها بأجره وإذا استطعنا أن نوفر هذه 
الاحتياجات بأسعار منخفضة من خلال التجارة الخارجية أو تطوير الآلات، فإن الأرباح 
سيرتفع لا محالة. إذا تخلينا عن إنتاج القمح واستطعنا أن نتحصل عليه وعلى الأشياء 
الضرورية الأخرى للعامل من الخارج بأسعار أقل فإن الأجور تنخفض والأرباح ترتفع”. 
إن المشكل المطروح كان يتعلق بالاختيار بين الاستمرار في حماية الزراعة أو 
الانفتاح للإستراد وتخصيص كل عوامل الإنتاج البريطانية للتصنيع. ويوضح سامويلسون
قي كتابه التيارات الكبرى لتاريخ الفكر الاقتصادي في الشكل الموالي، اختيارد. ريكاردو
الخاص باعتماد بريطانيا على إستيراد الحبوب وأثره على عملية توزيع المداخيل وعلى 
تراكم المال الصناعي.
إستيراد القمح بأسعار أقل 
 
 انخفاض سعر القمح تحرير اليد العاملة من ميدان الزراعة 
 
تخفيض الريع انخفاض التكلفة الحقيقية 
 لليد العاملة ارتفاع إنتاج المنتجات المصنعة 
 
 الموجهة للتصدير 
 
الرفع أو الاحتفاظ بمعدل ربح عالي في الصناعة 
 
 
مكافأة رأس المال الكافية لضمان وتيرة تراكم أعلى لرأس المال الصناعي 
 
نلاحظ من خلال هذا الشكل أن د.ريكاردو توصل إلى ربط التجارة الخارجية 
بعملية توزيع الدخول وبعملية رأس المال. 
 
لقد اعتمد د.ريكاردو في نظريته للتجارة الدولية على أسس نظريته للقيمة، فقيمة 
أي سلعة ترجع إلى ما أنفق في إنتاجها من عمل، تتناسب مع ما أنفق في إنتاجها من 
عمل، فهو إذن يفترض أنه لا يوجد إلا عاملا إنتاجيا واحدا هو العمل وأن قيمة السلعة 
تتناسب مع ما أنفق من عمل. فإذا تطلب إنتاج سلعة A 100 ساعة عمل وإنتاج السلعة 
B 50 ساعة عمل فإن قيمة السلعة A بالضرورة أعلى من قيمة السلعة B.
 
إن أهم ما جاء به د. ريكاردو في نظريته للتجارة الدولية هو مفهوم التكلفة النسبية 
حيث عبر عن تكلفة أي منتوج بساعات العمل المنفقة لإنتاجه، وإسترجع مثال آ.سميث 
المتعلق ببريطانيا التي كانت حينها صناعية والبرتغال الذي إمتاز بالإنتاج الزراعي، حيث 
ينتج البرتغال النسيج والنبيذ بتكاليف مطلقة أقل من بريطانيا ليثبت أنه يمكن قيام 
التخصص وبالتالي التبادل بينهما حتى ولو تكن لبريطانيا أية ميزة مطلقة في أي منتوج.
 
وسنتناول في هذه المبحث مفهوم التكلفة النسبية لـ د.ريكاردو وذلك باسترجاع 
مثال آ.سميث المتعلق ببلدين ومنتوجين، لنصل لوجوب توفر الشرط الكافي والضروري
في نفس الوقت حسب د. ريكاردو لقيام التخصص والتبادل بين الدولتين، ثم نستعرض أهم 
نتائج التخصص الدولي، وبعدها نتطرق لعنصر آخر يتضمن مراجعة قانون د.ريكاردو
والتي تمت على يد العديد من الباحثين للتحقق من صحة نموذجه وإمكانية تطبيقه على 
أكثر من بلد وأكثر من منتوج، لنستعرض في النهاية أهم انتقادات الموجهة لنموذج 
د.ريكاردو ولنبدأ بالتعريف لمفهوم التكلفة النسبية لـ د.ريكاردو.
 
 مفهوم التكلفة النسبية لدافيد ريكاردو: 
 التكلفة النسيبة للمنتوج A بالنسبة للمنتوج B في بلد ما هي النسبة بين التكاليف المطلقة 
للمنتوجين وتساوي: 
التكلفة المطلقة لـ A
التكلفة المطلقة لـ B 
 ونسترجع مع د.ريكاردو مثال آ. سميث: 
جدول رقم 1 :تكاليف النسيج والنبيذ في كل من البرتغال وبريطانيا. 
 
الوحدة:ساعة عمل 
 البرتغال بريطانيا 
وحدة من النبيذ (a (
وحدة من النسيج(b (
(ca1) سا 80 
 (cb1) سا90 
(ca2) سا 120
 (cb2) سا100 
1 Ca: عدد ساعات العمل المنفقة لإنتاج وحدة من النبيذ في البرتغال. 
Ca2 : عدد ساعات العمل المنفقة لإنتاج وحدة من النبيذ في بريطانيا. 
Cb1 : عدد ساعات العمل المنفقة لإنتاج وحدة من النسيج في البرتغال. 
Cb2 :عدد ساعات العمل المنفقة لإنتاج وحدة من النسيج في بريطانيا. 
 
ونستخرج من هذه الجدول التكلفة النسبية للنبيذ بالمقارنة مع النسيج في البلدين كالتالي: 
ـ التكلفة النسبية للنبيذ بالمقارنة مع النسيج في البرتغال هي: 
 

଼଴
ଽ଴

௖௔ଵ
ୡୠଵ
 0.88
 
ـ بينما في بريطانيا تكون قيمتها: 
 
 بمقارنة التكاليف النسبية المتحصل عليها نلاحظ مايلي: 
ـ إختلاف التكاليف النسبية في البلدين. 
ـ تنتج البرتغال النبيذ بتكلفة نسبية أقل من التكلفة النسبية التي بها بريطانيا. 
ـ للبرتغال ميزة نسبية في إنتاج النبيذ. 
 
௖௔ଶ
௖௕ଶ
>
௖௔ଵ
ୡୠଵ
 
يتخصص البرتغال في لإنتاج النبيذ الذي له فيه ميزة نسبية. 
 
إعتمادا على مفهوم التكلفة المطلقة لـ آ.سميث فإن أي بلد يستورد من البلدان الأخرى 
السلع التي لا يستطيع أن ينتجها محليا أو التي ينتجها بتكلفة مطلقة أعلى من الدول 
الأخرى ويصدر لها السلع التي ينتجها بتكلفة مطلقة أقل، بينما يرى د.ريكاردو أن الشرط 
الكافي والضروري لظهور التبادل بين البلدين هو اختلاف التكاليف النسبية وليس التكاليف 
المطلقة حيث يتخصص كل بلد في المنتوج الذي يحقق له أكبر ميزة نسبية أو أقل عدم 
ميزة نسبية. 
 
لكي يكون التبادل مربحا للبلدين يجب أن يكون معدل التبادل الدولي محصورا بين 
معدلات التبادل الداخلية، فإن نسبة دولية للنبيذ تقع بين 88.0 و 2.1 هي مقولة لأنها 
مربحة للطرفين. 
 
-2 مراجعة قانون د. ريكاردو: 
*بلدان ومنتوجات 
لقد إعتمدت الأمثلة المدروسة لحد الآن على منتوجين في بلدين وإرتكز التحليل 
على عامل إنتاجي واحد وهو العمل ومبادلات تتم في شكل مقايضة. أما المثال الموالي 
الذي يقترحه كل من TAUSSIG.W.F وHABERLER VON.G والوارد عند 
MARCY.G فيصنف متغيرات أخرى للتحقق من صحة نموذج د.ريكاردو. تتمثل هذه 
المتغيرات في: 
ـ الأسعار 
ـ تتم المبادلات نقدا بدلا من المقايضة 
ـ معدل الصرف بين العملتين 
ـ معدل الأجر 
الفرضيات: 
ـ بلدان 1 و2 
ـ منتوجات A وB
ـ سعراهما على التوالي: 
في البلد الأول1 : Pa1، pb1 سعر المنتوج a1=pa1 ، سعر المنتوج b1=pb1
في البلد الثاني2 :pa2، pb2 سعر المنتوج a2=pa2 ، سعر المنتوج b2=pb2
 معدل صرف عملة البلد 1 والبلد 2 
ـ ca1 ، ca2 كمية العمل المنفقة لإنتاج A في البلدين 1 و 2 . 
ـ cb1 ، cb2 كمية العمل المنفقة لإنتاج B في البلدين 1 و 2 . 
ـ S1 معدل الأجر في البلد 1 .
ـ S2 معدل الأجر في البلد 2 .
ـ السعر = كمية العمل المنفقة * معدل الأجر المتوسط أي: C*S . 
فتكون الأسعار في البلد للمنتوجين A، B هي: 
 S1*Ca1 = Pa1
 S1*Cb1 = Pb1
بينما تكون البلد الثاني: 
 S2*Ca2 = Pa2
 S2*Cb2 = Pb2
وعلى إفتراض أن البلد 1 يصدر للبلد 2 المنتوج A ويستورد منه المنتوج B تتحقق 
المتراجحات التالية:
 Pa1*R ݌ܾଶ
 
 
وبما أن الأسعار = كميات العمل * معدل الأجر أي: 
 s2*ca2= pa2 s1*ca1= Pa1
 و 
 s2*cb2= pb2 s1*cb1 = Pb1
 
نعوض الأسعار بقيمتها في المتراجحتين السابقتين فنجد: 
s2 ومنه 
*ca2 > ܴ *s1
*Ca1
௖௔ଵ
ୡୟଶ
 >
௦ଶ
௦ଵ.ோ
(1) ⋯ ⋯ ⋯ ⋯
 
 ومنه S2*cb2 < R*s1*cb1 ௖௕ଵ ୡୠଶ ௦ଶ ௦ଵ.ோ > 
௖௔ଵ
ୡୟଶ
 
 
وهذا الشرط الواجب توفره حتى يكون التبادل ممكنا لكي يصدر البلد 1 المنتوج A للبلد
*نقد د.ريكاردو:
لقد واجهت نظرية د.ريكاردو للتجارة الدولية إنتقاد العديد من الكتاب ونصنف في 
هذا المبحث الإنتقادات الموجهة لهذه النظرية في مجموعتين الأولى تتعلق ب: 
ـ ثبات التكاليف 
ـ إستمرار الميزة النسبية على المدى الطويل 
ـ إعتماد د.ريكاردو على عامل إنتاجي واحد وهو العمل 
ـ سهولة إنتقال عوامل إنتاج داخليا 
أما المجموعة الثانية فتتكون من الانتقادات التي إنطلق منها ج.س ميل في نظريته 
للقيم الدولية. 
-المجموعة الأولى: 
إستبعد د.ريكاردو التكاليف المتغيرة في عمله وإعتبرها ثابتة ولكن هذه الفرضية 
وضعت للتبسيط لأن د.ريكاردو لا يجهل وجود تكاليف متغيرة، وعلى إعتبار أن تكلفة 
المنتوج لا تبقى ثابتة على المدى الطويل في عالم متطور إستمرار تكنولوجيا، فإن الميزة 
النسبية قصيرة المدى لا تؤدي بالضرورة إلى ميزة نسبية طويل المدى 
 
إعتمد د.ريكاردو على عامل إنتاجي واحد وهو العمل، حيث عبر عن التكاليف 
بكميات العمل المنفقة لإنتاج وحدة ما وتعامل مع هذه التكاليف كمعطيات بحيث لم يوضح 
لماذا تنتج بريطانيا النسيج بتكاليف أعلى من البرتغال، ولم يظهر الأهمية الإقتصادية 
الناجمة عن تنويع المنتجات وإنما ركز د.ريكاردو في نظريته على المنتجات التي يمكن 
تصديرها 
إعتبر د.ريكاردو أنه من السهل على العوامل الإنتاج الإنتقال من منطقة لأخرى 
داخل نفس البلد، ولكن إختلاف المداخيل من قطاع لآخر ومن جهة لآخرى يجعل من هذه 
التنقل الداخلي أمرا نسبيا.
-المجموعة الثانية: 
لقد إهتم د.ريكاردو في نظريته للتجارة الدولية بميدان الإنتاج فقط، بينما وسع 
ج.س ميل تحليله إلى ميدان التداول وحاول أن يظهر دور العرض والطلب وأثر مرونتها 
على تحديد نسبة التبادل الدولي. 
 
إعتبر د.ريكاردو أن عملية إقتسام الفوائد بين الدول المشاركة في التبادل الدولي 
مسألة ذاتية و لا يمكن تحليلها بطريقة علمية، بينما بين ج.س أن البلد الذي يستفيد أكثر 
من التبادل الدولي هو البلد الذي يكون الطلب الدولي على منتوجاته أكبر والذي يطلب أقل 
ما يمكن من المنتجات من البلدان الأجنبية.

Similar Posts