نظرية هكشر- أولين-سامويلسون فى الصناعة والتجارة

النيوكلاسيك 
 لقد اتفق الكلاسيك على أن التبادل الدولي لا يتم إلا إذا توفر شرط اختلاف 
التكاليف النسبية، ولكنهم لم يعطوا تفسيرا دقيقا لهذا لاختلاف،فلقد أرجعه د.ريكاردو 
لاختلاف المستوى والعلمي والتكنولوجي واختلاف البيئة والمناخ من بلد لآخر ولقد انتبه 
ج.س. ميل لهذه المشكلة حيث كتب :
 
“يوجد العديد من الأشياء التي يمكن إنتاجها محليا دون مشاكل وبأي كمية نريد، ولكن 
بالرغم من ذلك نستوردها من الخارج، التفسير الذي يعطي عادة هو انه من المفيد 
استيرادها على إنتاجها محليا وهو السبب الحقيقي، ولكن حتى هذا السبب يتطلب شرحا 
أكثر”.
 
 فأتى كل من هكشر وأولين بالتفسير المنتظر مرجعين اختلاف التكاليف النسبية 
لاختلاف توفر كل بلد على العوامل الإنتاجية.
 
1-نموذج هكشر- أولين-سامويلسون: 
قبل التطرق لجوهر النموذج نستعرض أولا أهم الفرضيات المعتمدة من طرف الباحثين: 
-يضم النموذج بلدين ينتجان سلعتين وعاملين للإنتاج أو أكثر متماثلين في البلدين. 
-حرية الانتقال من بلد لآخر للمنتوجين وتوفر المنافسة التامة. 
-عوامل الإنتاج لا تنتقل من بلد لآخر وبالتالي يكون لكل بلد حجم ثابت من هذه العوامل. 
-المنتوجان هما إما كثيفان من رأس المال او كثيفان من العمل. 
-عمليات الإنتاج هي نفسها الشيء الذي يفترض نفس التطور التكنولوجي وتأهيل متماثل 
لليد العاملة بالنسبة للبلدين. 
-المردودية ثابتة، بحيث أن التكاليف وأسعار السلع ليست تابعة لحجم الإنتاج. 
-اعتماد هكشر وأولين على التحليل بالنقود ورفضهما التقييم بقيمة العمل. 
-هناك اختلاف في أسعار العوامل بين البلدين وهذا راجع إلى اختلاف مدى توفر العوامل 
في البلدين.
 
جوهر نظرية هكشر – أولين-سامويلسون: 
 يرتكز هذا النموذج على مدى اختلاف توفر كل بلد على عوامل الإنتاج وليس على 
اختلاف التكاليف النسبية، ويسمى بنظرية هكشر–أولين–سامويلسون، لأنه تم على أيدي 
هؤلاء الاقتصاديين.
 
 ففي سنة 1919 ،كتب هكشر مقالا يقول فيه أنه إذا كانت البلدان تتوفر على كميات 
مختلفة من عوامل الإنتاج، فإنه من صالح كل بلد أن يتخصص في إنتاج السلع التي 
تتطلب كميات كبيرة من العامل الوفير واستيراد السلع التي تتطلب كميات من العامل 
النادر نسبيا
المساهمة الثانية كانت سنة 1933 ،وهي مساهمة السويدي أولين الذي أظهر أن 
إستمرارية التبادل الحر للسلع تؤدي إلى تعديل أسعار العوامل الإنتاجية في كل البلدان، 
لأن الاستعمال المكثف للعامل الوفير يؤدي إلى ندرته تدريجيا، وبالتالي ترتفع أسعاره، أما 
العامل النادر فتنخفض أسعاره نسبيا بفعل عدم توفر الطلب عليه، لتتساوى أسعار العامل 
النادر مع أسعار العامل الوفير. 
 
 تكمن أهمية هذه النظرية في كونها تظهر أن التبادل الحر للسلع يمكن أن يعتبر كبديل 
للتبادل الحر للعوامل الإنتاجية، بما ان تبادل السلع يؤدي إلى تعادل أسعار عوامل الإنتاج، 
وبالتالي يمكن اعتبار ان التجارة الخارجية هي حل لمشكل الندرة النسبية لعوامل الإنتاج. 
 أما سامويلسون، فلقد أثبت نتائج أولين الخاصة بتعادل أسعار العوامل الإنتاجية بواسطة 
المبادلات الخارجية من خلال أعماله وأكد أن التجارة الدولية لا تضمن الحصول على 
أرباح لجميع الدول المتبادلة وبنفس الحجم، بل إن استفادة البعض تكون على حساب 
البعض الآخر . 
 
 وقبل أن نتطرق لصياغة نموذج هكشر- أولين- سامويلسون، ندرج أولا المفهومين 
الأساسين الواردين في هذه النظرية والمتعلقين بالندرة، وبالكثافة من عوامل الإنتاج. 
 
 يكون العامل الانتاجي k وفيرا إذا كان سعره منخفضا في بلد ما عن سعره في 
بلد آخر ويكون نادرا إذا كان سعره مرتفعا في بلد ما عنه في البلدان الأخرى، والمفهوم 
الثاني خاص بالكثافة من العوامل، فتكون المنتجات ذات كثافات مختلفة إذا لم تكن تحتوي 
على نفس الكميات من عوامل الإنتاج. 
 
وعلى أساس هذين المفهومين يصاغ نموذج هكشر- أولين- سامويلسون كالتالي: 
“في اقتصاد مفتوح، من صالح كل بلد يتمتع بميزة نسبية، التخصص في إنتاج وتصدير 
السلع التي يتطلب صنعها العوامل الإنتاجية المتوفرة نسبيا بكثرة”. 
 
 أي أن سعر العامل الإنتاجي النادر نسبيا يكون مرتفعا، وسعر العامل الوفير يكون 
منخفضا، وعليه يتخصص كل بلد في النشاطات الاقتصادية التي تستعمل العوامل 
الإنتاجية المتوفرة بكثرة والتي يكون سعرها منخفضا، الشيء الذي يسمح بالحصول على 
تكلفة إنتاج منخفضة، وبالمقابل يستورد المنتوجات التي يتطلب إنتاجها عوامل إنتاجية 
نادرة نسبيا 
 
بما أن هكشر وأولين اعتمادا على النقود في تحليلهما فإنه يجب على البلد أن يوفر 
سلعه بسعر منخفض عن السعر المطبق دوليا حتى يتمكن من تصديرها ويستورد السلع 
التي ينتجها بسعر مرتفع بالمقارنة مع الأسعار الخارجية ولقد افترضنا ما يلي:
هذه النتيجة تشبه نتيجة، د.ريكاردو للتكاليف النسبية والفرق الوحيد هو ان هذا 
التحليل اعتمد على اختلاف الأسعار النسبية بينما تحليل د.ريكاردو اعتمد على اختلاف التكاليف 
النسبية. 
 فسر هكشر وأولين اختلاف الأسعار باختلاف توفر كل بلد على عوامل الإنتاج، لان 
أسعار عوامل الإنتاج تتأثر مباشرة بعاملي العرض والطلب. 
 
 ويطمئن أولين-في هذا السياق- البلدان غير المتطورة عندما يبين أن عدم توفرها على 
رأس المال لا يعتبر عائقا لنموها، لأن توفرها على اليد العاملة يشكل ميزة نسبية لتجارتها مع 
البلدان الغنية من رأس المال. 
 
 حاول سامويلسون البرهان على نتيجة أولين والمتعلقة بتعادل أسعار العوامل الإنتاجية،
ثم أكد سامويلسون فيما بعد أن التجارة الخارجية ليست مفيدة للجميع بنفس الدرجة، فإذا كانت 
مربحة للبعض، فيكون هذا على حساب البعض الآخر، ويقترح فرض تعريفه على الواردات 
لرفع مكافأة العامل النادر كما نقرأ: 
 “إن فرض تعريفه على الواردات في اقتصاد يكون فيه التبادل حرا، يؤدي على رفع 
المكافأة الحقيقية للعامل النادر” . وبعد مشاركته هذه، أصبح النموذج يسمى نموذج هكشر- 
أولين-سامويلسون.

Similar Posts